فيما اقترب الانتخاب من ان يكون واقعا وان تكون الجلسة السادسة والاربعون هي الاخيرة تتركز الاتصالات بشأن الدورة الاولى او الدورة الثانية، على تليين موقف المعترضين ولا سيما الذين ينتمون الى كتل وافق رؤساؤها على تأييد ترشيح العماد عون.
وعلى أهمية هذا التطور الذي تنحبس حياله أنفاس اللبنانيين، بدا المشهد الداخلي مضطرباً بقوّة في ظل العدّ العكسي النهائي، حيث سيشكّل العد العكسي النهائي قبل الاثنين الانتخابي الحاسم، بما يعنيه ذلك من اندفاع كلٍّ من مؤيدي عون ومعارضيه الى استنفاد كل الأوراق والوسائل في معركةٍ، وإن بدت نتائجها محسومة لمصلحة زعيم «التيار الحر»، الا ان هامشاً كبيراً منها لا يزال عرضة لمفاجآت اللحظة الأخيرة.
فالاطلالة غير العادية لرئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية التي وزع خلالها سهامه في كل الاتجاهات موجها رسائل من العيار الثقيل، ستترك حكما تداعياتها على المرحلة المستقبلية وخريطة التحالفات والتوازنات السياسية، مكملا الصورة التي بدأت بمعارضة رئيس المجلس، التي يبدو انها ستبدأ من نقطة قانون الانتخابات، متجاوزة تشكيل الحكومة باعتبار ان مكوناتها الموالية ستخوض معركة النزاع على تشكيلها ولا حاجة للمعارضة في هذا المضمار، اما قانون الانتخاب فسيجابه به بري والى جانبه الحلفاء الجدد، من لم يلتزموا معه أدبيا ومن ضحّى بالكثير لاجلهم ولم يبادلوه الجميل في الاستحقاق الرئاسي.
أولى تحديات الجلسة، كما تقول مصادر سياسية تواكب الحراك الرئاسي بمحطاته كافة، اعتبارها دورة اولى، أي أن انتخاب الرئيس يحتاج إلى حصول المرشح على اصوات ثلثي أعضاء مجلس النواب، وهو ما يخشاه «الجنرال» من ان يكون هدفه الاطاحة بحظوظه الرئاسية الى غير رجعة، أم دورة ثانية يحتاج الانتخاب إلى النصف زائداً واحداً فقط، وهي الضمانة لانتخاب العماد عون بعد تحريك الرئيس سعد الحريري عجلة الترشيح، حيث تبدي مصادر عونية خشيتها من قطبة مخفية وراء اصرار رئيس مجلس النواب على فتح هذا الجدل، رغم أنّ الدورة الأولى تمّت منذ ما قبل الشغور الرئاسي ولم تؤد لانتخاب رئيس، معتبرة أن تشدد «الاستاذ» في هذا الاطار يرتبط بخلافه السياسي المتنامي مع رئيس تكتل «التغيير والاصلاح» ، متسائلة عما اذا كان ليعتبر الدورة أولى لو كان أحد مرشحيه هو الذي سيُنتخب رئيسًا للبلاد.
واذا كان باتت محسومة للغالبية حسابيا وسياسيا، عملية انتخاب الجنرال رئيسًا للجمهورية الاثنين المقبل، فان اوساطاً سياسية متابعة، تؤكد ان العهد الجديد سينتهي قبل ان يبدأ نظرا للمعارضة التي ستواجهه بخلاف العهود السابقة منذ قيام الجمهورية الثانية، والتي «اقلعت» مرتاحة وبدعم كبير في السنوات الثلاث الاولى قبل ان تضعف وتتلاشى، معتبرة انه بات من السلم لدى الجميع ان الحلول ليست داخلية، حتى بشقها الوطني لجهة المشروع الاقتصادي الانقاذي، او حتى قانون الانتخاب الذي سيعيد انتاج السلطة نفسها، اما ملف تحييد لبنان عن الازمة في سوريا، فكان جواب السيد حسن نصر الله واضح وجازم بشانه، هو المعني الاول والاخير به، كاشفة انه سيكون على الرئيس عون، في حال قرر السير بتفاهماته، اعطاء ما رفضه في اطار سلة بري المتكاملة
الأوساط التي لا تخفي ان الغموض الذي يطغى على المواقف الدولية من انتخاب عون يساعد في شدّ عَصّب المعارضين اذ ان غالبية القوى الداخلية تدرك تماماً ان الجنرال يثير تحفظاتٍ ومخاوف غربية وخليجية معروفة، تؤكد ان غياب الخارج عن هذا الاستحقاق لا يعني ان انتخاب عون كأمرٍ واقع سيمرّ من دون تداعيات حين يصبح العالم مضطراً للتعامل معه كرئيسٍ للجمهورية، وهو ما بدأت اشاراته تظهر بوضوح سواء في الموقف الاميركي الذي جاء معبرا من الخارجية او النفي السعودي لامكانية زيارة اي موفد للملكة الى بيروت خصوصا بعد بيان مجلس الوزراء امس.
وفي هذا الاطار تشير مصادر في الثامن من آذار ان حزب الله وفى بوعده للعماد عون ورد له الجميل، وبالتالي اصبح هامش حريته السياسي الداخلي اكبر، وعليه فان اجندته السياسية لن تكون بالتأكيد مطابقة لاجندة الجنرال، الذي اكد للسيد وفقا للمصادر، انه لم يقطع اي تعهدات او يبرم اي صفقات لا مع الداخل ولا مع الخارج خلافا لكل ما ينشر، كاشفة ان الحارة كانت واضحة بان تحالفها مع عين التينة بات يتقدم على ما عداه ،خصوصا ان «الحقوق» التي يطالب بها رئيس المجلس هي من حصة الشيعة في السلطة، لذلك على العماد عون حل الاشكال مع الرئيس بري في اقرب وقت اذا ما اراد لحكمه ان «يقلع».
فهل يمكن اعتبار ان المئة متر الاخيرة في السباق الى قصر بعبدا قد بدأت؟ الجميع قال كلمته وينتظر، اما في الرابية ففرح مكتوم وحذر مفهوم.