IMLebanon

أحجار الضاهر والموسوي وجنبلاط الطائشة تصيب المسيحيين

أحجار الضاهر والموسوي وجنبلاط الطائشة تصيب المسيحيين

فتح جروح الانقسامات لإقامة دائمة بين «حربَين»

خالد الضاهر، نواف الموسوي ووليد جنبلاط… ثلاثة نواب شغلوا الأوساط المسيحية في اليومين الماضيين. رمى الثلاثة أحجارا متفاوتة الأحجام في مياه توحي بأنها راكدة، لكنها تخفي تحت سطحها كل ما أفرزت الحروب الأهلية من حساسيات، وما خلفت من انقسامات، وما راكمت من حذر وخوف وأحلام مسبقة وصور نمطية عن «الآخر» ونياته ومقاصده، لا تصب في مصلحة المشتركات اللبنانية.

صرح الضاهر منفعلا «اذا أرادوا (القوى الامنية بقرار من وزارة الداخلية) أن يزيلوا الرموز الدينية فليبدأوا بتمثال يسوع الملك وبعض القديسين الذين يفتحون أيديهم في جونيه».

وخاطب الموسوي الجمهور قائلا ان من «انتمى الى المقاومة وواكبها وحضنها وسار في نهجها هو المواطن الاول الذي من موقعه يعطي شرف المواطنة لأي أحد آخر».

أما جنبلاط فطالب بـ «إعادة الاعتبار الى البعد الوطني في الاستحقاق الرئاسي بدل حصره عند المسيحيين فقط».

للنــواب الــثلاثة اجتهــاداتهم في شرح مقاصدهم. فالضاهر ساق اعتذارا ملتبسا، والموسوي وجد من يبرر له المقصد ويحدده بالرد على كلام نائب زميل له هو سامي الجميّل.

أما جنبلاط فجاءه المدد من الرئيس نبيه بري ليؤكد أهمية «البعد الوطني» لهذا المنصب، وليصوّب المقصد لمن شطّ في الفهم والاجتهاد وقرأ في كلام «البيك» انزعاجا ضمنيا من التقارب المسيحي ـــ المسيحي، أو تحذيرا مبطنا من التوافق على الرئيس.

لكن مثل هذه التصاريح، خصوصا متى تزامنت مع زمن التباكي على غياب رئيس للجمهورية عن عيد مار مارون، توقظ شياطين الطائفية. صحيح أنه لم يغمض لهذه الشياطين جفن في الأصل، لكن تتظاهر بالإغفاء على هدهدات حوار من هنا أو تفاهم من هناك. ويأتي كلام مشابه للذي ورد على ألسنة النواب الثلاثة ليعود فيطفو على السطح كل الكامن من انقسامات وأحكام سلبية لدى المسيحيين عن المسلمين.

لم يفهم كثر كيف ولماذا استحضر الضاهر رموزا مسيحية في معرض اعتراضه، باستفزاز، على نزع أعلام إسلامية، مع العلم ان مفتي طرابلس والشمال مالك الشعار يقول انه لا يستطيع أن يفتي بالشارات السود «لأنها تشير الى داعش والى الحرب ولو كانت راية إسلامية».

كما لا يمكن لكثر أن يستوعبوا كيف يمكن لمسؤولين في «حزب الله» ان يكرروا «تمايزهم وأفضليتهم على سائر اللبنانيين وتوزيع شهادات في المواطنة والأهلية».

أما جنبلاط فله دائما حصة الأسد من الحذر، ليس فقط لموقعه والأهمية التي ينظر بها المسيحيون الى مواقفه، بل لقدرته على جمع الأضداد وتوحيدها حول مواقفه.

يقول أحد السياسيين الحزبيين المسيحيين ممن امتعضوا من كلام جنبلاط انه «ليس بسحب أي تأثير للتوافق المسيحي ـــ المسيحي وللقرار المسيحي يمكن إعادة الاعتبار الى البعد الوطني لموقع رئاسة الجمهورية. كيف يمكن لتغييب إرادة المسيحيين وتوافقهم على رئيس أن يسهم في توطيد البعد الوطني وتأمين الشراكة الكاملة والمساواة؟».

مواقف الضاهر والموسوي وجنبلاط كان يمكن أن تمر من دون ان يتوقف أحد عندها لو أن العلاقات بين اللبنانيين سوية، أو أنهم أقفلوا مرحلة انقسامهم وحروبهم الأهلية بالمصارحة والمصالحة. لكن الوقائع تعطي إشارات متواصلة الى إقامة اللبنانيين الدائمة بين حربين، سواء كانت فعلية أو مفترضة أو منتظرة.

وفجأة، «من خارج أي سياق، يشعر المسيحيون بأنهم في موقع الاتهام أو الاستهداف أو محاولة النيل من حقوقهم»، بحسب السياسي. لكن هل هم وحدهم كذلك؟ ألم يشعر كثر من المسلمين بالامتعاض من كلام الضاهر والموسوي وحتى جنبلاط؟ وهل يملك اللبنانيون «ترف» فتح جروح انقسامات طائفية جديدة؟ هل بلغ «نزقهم» حد الانشغال بالبناء على ما يزيد من تباعدهم عوض التفتيش عن سبل للتلاقي؟

أسئلة لا تعطي أعذارا لكلام تستدرجه المنابر و «ما يريده الجمهور»، لكنها تبحث عن كيفية تجاوزه.