IMLebanon

ماذا يعني وقف تمويل «الأونروا» في ظلّ الحرب على غزّة  

 

 

حسب المعلومات، فإنّ هناك 6 ملايين لاجئ فلسطيني يستفيدون من مساعدات وكالة الغوث (الأونروا)، كما ان هناك حوالى 540 ألف مواطن فلسطيني يدرسون في مدارس تابعة للوكالة المذكورة.

 

وتفيد المعلومات أيضاً ان المساعدات المالية التي تقدّمها أميركا لهذه الوكالة تبلغ 300 مليون دولار أميركي سنوياً. وفي العام 2018 قرّرت إدارة دونالد ترامب وقف مساهمتها المالية السنوية يومذاك.

 

على كل حال، المنظمة بحاجة الى 1.600 (مليار وستماية مليون) دولار سنوياً…

 

فإذا نظرنا الى هذا الرقم نرى انه لو كانت هناك نخوة عربية عند الدول العربية، وهنا أقصد الدول الغنية بينها، لاكتشفنا انه كان بالإمكان أن تستغني المنظمة عن المساعدات الاميركية التي تربطها الأخيرة بمواقف سياسية.

 

فعلاً رقم مليار وستماية مليون دولار من أجل تقديم الخدمات التي تقدمها هذه المنظمة الانسانية الى أهلنا المشرّدين المعذّبين، المغتصبة أرضهم وأعراضهم وأملاكهم، ليس مبلغاً خيالياً أو كبيراً خاصة إذا كنا نعلم ان إحدى الدول العربية النفطية كان رجالها وأمراؤها يصرفون 200 مليار دولار سنوياً كمصاريف «يخوت وطائرات خاصة وأجور فنادق واستئجار سيارات واستئجار قصور» وهذا معروف ومسجّل تحت بند (شم هواء).

 

بمعنى آخر، انه لو كنا نحن العرب نحب بعضنا البعض فإنّ مبلغ الـ1.600 (مليار وستماية مليون) دولار سنوياً ليس بالمبلغ الكبير لنعجز عن تقديمه الى الشعب الفلسطيني المنكوب.

 

على كل حال، دعنا نضع موضوع الدعم العربي جانباً ونذهب الى تاريخ تأسيس هذه المنظمة في عام 1949، وكيف أُنشئت، ومن الذي أنشأها، وما هي الخدمات التي كانت تقدّمها؟

 

وبغض النظر عن هذه الأسئلة التي سنجيب عليها أبدأ بوقف تمويل «الأونروا»… وأتساءل عن أسباب هذا الوقف المفاجئ وتداعياته…

 

فما قصّة وقف تمويل «الأونروا»… وهل هي مؤامرة لتصفية القضية الفلسطينية وتوطين الفلسطينيين في أماكن تواجدهم؟

 

أسئلة بدت بحاجة الى أجوبة في مثل هذه الظروف التي يعيشها فلسطينيو الضفة والقطاع.

 

لقد فاجأت الولايات المتحدة الاميركية وعدد من الدول الغربية بتعليق تمويلها للوكالة الأممية. فقد سارعت كل من واشنطن وإيطاليا وكندا واوستراليا وبريطانيا وفنلندا الى تعليق تمويلها لـ «الأونروا» إثر ادعاءات إسرائيلية عن مشاركة مزعومة لعدد من موظفي الوكالة في هجوم حركة المقاومة الاسلامية (حماس) على مستوطنات «غلاف غزّة» في 7 تشرين الأول (اكتوبر) 2023.

 

ومن شأن هذا القرار أن يؤثر سلباً على الخدمات الحيوية التي تقدمها الوكالة في مجالات الصحة والتعليم والإغاثة، خصوصاً انها تشكو منذ سنوات من عجز في الموازنة اضطرها الى تقليص بعض خدماتها المقدمة للاجئين في غزة ومناطق عملياتها في لبنان والضفة وسوريا والأردن.

 

وقد ركزت «الاونروا» مساعداتها في الفترة الاخيرة على غزّة، أي على 2.2 مليون نسمة، هم سكان القطاع من لاجئين وغيرهم إثر اندلاع الحرب الاسرائيلية بعد هجوم «حماس».

 

وتشير تقديرات الوكالة الأممية، ومنظمات حقوقية محلية ودولية الى ان مليوني فلسطيني اضطروا الى النزوح عن منازلهم إثر تهديدات إسرائيلية، ولجأ غالبيتهم الى مدارس تابعة لـ «الاونروا» التي تتحمل العبء الأكبر في تقديم المساعدات الإغاثية لهم ولباقي السكان والنازحين في المنازل والخيم.

 

ووفق تصريحات نقلها حساب رسمي لـ»الأونروا»، فإنّ المساعدات التي ترد الآن الى القطاع قبل عملية تعليق التمويل تفي بـ %5 الى %7 فقط من احتياجات السكان.

 

إلى ذلك، قال المفوض العام لـ»الأونروا» فيليب لازاريني إنه لأمر صادم أن نرى تعليق تمويل الوكلة كردّ فعل على الادعاءات ضد مجموعة صغيرة من الموظفين، لا سيما في ضوء التدابير التي اتخذتها الوكالة الأممية في فصل 12 موظفاً.

 

وأكد ان هذه القرارات تهدّد العمل الانساني الجاري حالياً في المنطقة خصوصاً في غزّة. وإنّ الفلسطينيين في القطاع لم يكونوا بحاجة الى هذا العقاب الجماعي الاضافي. إشارة الى انه لا تربط إسرائيل بـ»الأونروا» علاقة جيدة، وهي سعت على مدار سنوات طويلة الى تصفية وجودها بعرقلة عملها والتحريض ضدها.

 

وفي عام 2018، دعا رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو الى وضع اللاجئين الفلسطينيين تحت مفوضية شؤون اللاجئين في الأمم المتحدة وإنهاء وجود «الأونروا»، إذ اعتبرها تعمل لصالح الفلسطينيين وتخلّد قضية اللاجئين.

 

وخلال الحرب الحالية في غزّة، أثارت «الأونروا» غضب تل أبيب بسبب بيانات لها وتصريحات لمسؤولين فيها، تتهم الاحتلال بقصف أهداف مدنية بما فيها مدارسها ومراكز الاسعاف التابعة لها. وقال وزير الخارجية الاسرائيلي يسرائيل كاتس: «إنّ بلاده ستسعى الى منع الاونروا من العمل في غزّة بعد الحرب».

 

ويمسّ هذا القرار بالتأكيد، بقدرة «الأونروا» على القيام بدورها في إغاثة الفلسطينيين الذين يعيش معظمهم في خضم أهوال الجوع والعطش والأمراض ومحدودية المساعدات، وهم يعتمدون بدرجة أساسية على مساعدات «الأونروا» في ظل العدوان الاسرائيلي المتواصل وحرب الإبادة الجماعية.

 

المشكلة ان أميركا من خلال وزير خارجيتها أنتوني بلينكن الذي كان قد اتفق مع الامين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريش على إجراء تحقيق شامل في الأمر،  وحتى الآن لم تكشف أميركا ولا إسرائيل أي تفاصيل أو أدلة… وبخاصة ان «الأونروا» فصلت 12 ممن قيل إنهم نشروا تأييدهم لـ «حماس» في المعركة.

 

إنّ سرعة التماهي بين أميركا والدول المتحالفة معها مع إسرائيل في هذه القضية «تعليق التمويل» أثارت التساؤلات بل والاستغراب… خصوصاً ان المنظمة هي الهيئة الوحيدة الضامنة للوضع الدولي للاجئين الفلسطينيين من احتلال أرضهم وإقامة دولة إسرائيل عليها.

 

هذا، وتبرز أهمية موقف أميركا من كونها أكبر مساهم في وكالة الأونروا التي يستفيد من خدماتها نحو 6 ملايين فلسطيني مسجلين لديها. كما ان هناك أكثر من 540 ألف فلسطيني يدرسون في مدارس تابعة للوكالة.

 

ويذكر ان هذه ليست المرّة الأولى التي تقدم فيها أميركا على مثل هذا التصرّف. ففي العام 2018 قرّرت إدارة دونالد ترامب وقف مساهمتها المالية السنوية البالغة 300 مليون دولار.

 

وفي أيار (مايو) عام 2019، دعا مستشار ترامب لشؤون الشرق الأوسط الى إنهاء عمل وكالة الاونروا، متهماً إياها بأنها فشلت في مهمتها، واستأنفت واشنطن تمويل الوكالة ابتداء من العام 2021 بعد انتخاب جو بايدن.

 

في المقابل، لا يفوت الفلسطينيون التذكير بأنّ الولايات المتحدة تقدّم سنوياً أكثر من 3 مليارات دولار من المساعدات لإسرائيل، ناهيك عن أشكال أخرى من الدعم السياسي والعسكري والمالي المعلن والمخفي.

 

ويذكر أيضاً ان «الأونروا» تأسّست أواخر عام 1949 بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة بعد تأسيس دولة إسرائيل على أرض فلسطين…

 

فهل يكون تعليق التمويل بداية تصفية القضية الفلسطينية وتوطينهم في أراضٍ أخرى؟