يبدو ان ذيول الأزمة التي نشأت بين لبنان والمملكة العربية السعودية على خلفية المواقف الرسمية التي اتخذتها وزارة الخارجية اللبنانية بالخروج على الاجماع العربي في ادانة الاعتداء الذي تعرضت له السفارة السعودية في طهران، لم تنته بعد. جديد هذه الأزمة، وقف التحويلات المالية من السعودية الى لبنان، ولو ان هذا الامر لم يتم بقرار رسمي مُعلن.
تفاجأ مواطن لبناني مقيم في السعودية يوم الاحد الماضي، عندما توجّه الى أحد المصارف في المملكة لتحويل مستحقات قرضه السكني الى لبنان، بإعلامه عن وقف التحويلات المالية الى بلده الأمّ.
وقد كشفت مصادر مصرفية لـ»الجمهورية» أمس، صحّة هذه المعلومات بعد أن عمّمت إدارات المصارف اللبنانية على فروعها، خبر وقف التحويلات المصرفية بين السعودية ولبنان.
وأوضحت المصادر ان السلطات السعودية لم تصدر قراراً أو تعميماً رسمياً علنياً بعد حول هذا الموضوع، لكنها تقوم بتطبيقه في التعاملات المصرفية ليس فقط على اللبنانيين الافراد المقيمين في السعودية، ولكن حتّى بالنسبة الى التحويلات المالية المصرفية للشركات.
وتعمد المصارف السعودية الى تطبيق هذا القرار غير المعلن رسمياً، من خلال جعل عملية تحويل الاموال من السعودية الى لبنان مستحيلة، وذلك عبر طلب مستندات وأوراق وإثباتات وموافقة من قبل الكفيل السعودي والتحقق من مصادر الاموال ووجهتها في لبنان، وهي إجراءات لم تكن معتمدة سابقاً، ويصعب بل يستحيل الالتزام بها.
وفيما كان البعض يعوّل على ان الاجراءات السعودية ضدّ لبنان ستقتصر على تجميد الهبة للجيش وقوى الامن اللبناني وتصنيف مجلس التعاون الخليجي حزب الله اللبناني منظمة إرهابية، تشير الوقائع الى أن مفاعيل الأزمة لا تزال مفتوحة على المفاجآت.
ومع توقف التحويلات المالية المصرفية بين السعودية ولبنان، انقطع آخر شريان نقدي بين البلدين، بعدما أُوقفت في السابق أيضاً التحويلات المالية عبر الصرافين أو مؤسسات تحويل الاموال.
من المؤكد ان تداعيات وقف التحويلات المالية من السعودية الى لبنان ستكون لها تداعيات سلبية على الوضع الاقتصادي بشكل عام، إذ ان تحويلات المغتربين تلعب دوراً مهماً في الاقتصاد اللبناني لأنها أحد أهم العوامل المؤثرة في الناتج المحلي الإجمالي، وفي معدلات النمو.
وبما أن العام 2016 استؤنف بهبوط حاد في التدفقات المالية بنسبة 27,3% في كانون الثاني 2016 مقارنة بالشهر نفسه من العام 2015، وتراجعت التدفقات من 811 مليون دولار في كانون الثاني 2015 الى 589 مليون دولار في كانون الثاني 2016، فان الارقام ستواصل الهبوط وستزداد المؤشرات تعقيداً.
للتذكير، بلغت القيمة الإجمالية للتحويلات المالية الى لبنان حوالي 7.5 مليار دولار في العام 2015 وشكّلت هذه التحويلات حوالي 16.28% من الناتج المحلي الإجمالي للبنان.
ووفقا لغرفة التجارة والصناعة والزراعة في بيروت وجبل لبنان، تأتي 50% من تحويلات اللبنانيين المغتربين من السعودية، حيث يُقدّر عدد اللبنانيين بحوالي 300 ألف شخص من أصل 500 ألف لبناني يعملون في دول مجلس التعاون الخليجي. كما يعمل في السعودية، 600 مستثمر لبناني بإجمالي رأس مال يُقدّر بـ 50 مليار دولار.