Site icon IMLebanon

وقف الدعم أو “دافنينو سوا”

 

 

يدرك المسؤولون في لبنان أن الاستمرار في سياسة الدعم على ما هي عليه اليوم ستؤدي إلى ضياع ما يمكن أن يكون قد تبقى من أموال اللبنانيين وسيسرع من وتيرة الإنهيار وصولاً إلى الفوضى الشاملة، وقد رمى حاكم مصرف لبنان رياض سلامة كرة نار الدعم عند الحكومة المستقيلة باعتبار أن القرار باستمرار الدعم أو رفعه كلياً أو ترشيده هو من مسؤولية الحكومة حتى ولو كانت مستقيلة، إذ إن موضوعاً بهذه الخطورة لا يمكن لها أن تغض الطرف عنه وأن تناقش في تصريف الأعمال بالمعنى الضيق، ونحن ما زلنا نتخبط في هذه الدوامة منذ أشهر طويلة من دون أي قرار سوى تقاذف المسؤوليات والتفرج على المزيد من الأزمات والمآسي.

 

الإنكفاء عن معالجة موضوع الدعم هو واحد من الأمثلة على عدم القدرة والرغبة لدى السلطة السياسية باتخاذ أي قرارات إنقاذية مؤلمة، وما الحجج التي تسوقها هذه السلطة سوى وسيلة للتهرب من أخذ القرار باعتبار أن وقف الدعم مثلاً او ترشيده، سيؤثر سلباً بمجموعات شعبية موالية لقوى سياسية ترغب في أن يبقى هؤلاء يستفيدون مما تبقى من احتياطي في مصرف لبنان حتى نضوبه، كي لا تلجأ إلى استخدام ما لديها من إمكانات مالية وغير مالية وهي ضئيلة جداً مقارنة بما يؤمنه دعم الدولة.

 

كما أن استمرار هذا الدعم يتيح لبعض القوى وتجار ومافيات تدور في فلكها تحقيق أرباح مالية ضخمة ناجمة عن التجارة بالمواد المدعومة، ولكن الأهم هو عائدات عمليات التهريب البري إلى سوريا والتي تطال في شكل خاص المازوت والبنزين والطحين، ولا يبدو أن من يمسكون بمعابر التهريب مستعدون لقطع هذه الشرايين التي تمد حلفاءهم في سوريا بما يحتاجونه، في مقابل عملة صعبة تشكل متنفساً لهم ولمؤيديهم في زمن تراجع فيه الدعم الخارجي ولو لم يتوقف.

 

ومع اقتراب لبنان من شفير القضاء على الاحتياطي في البنك المركزي، لا شيء يؤشر إلى أن الحكومة المستقيلة مستعدة لمعالجة مشكلة الدعم، وترغب رئيساً ووزراء برميها في ملعب الحكومة الجديدة التي لا تزال في غياهب التشكيل المظلمة، في وقت يتلكأ مجلس النواب أيضاً عن الدفاع عما تبقى من أموال اللبنانيين تحت شعارات شعبوية انتخابية، فما من نائب على استعداد لأن يخسر صوتاً واحداً في انتخابات قد تحصل او قد تؤجل. هكذا تدور معضلة الدعم دورتها الكاملة لتعود في النهاية إلى مصرف لبنان وحاكمه، هناك ينتظرون قراراً سياسياً لن يأتي فإما أن يتمردوا على سلطة وقوى سياسية تواصل مسار الإنهيار ويحاولون لجمه، وإما يصح فيهم القول “دافنينو سوا”.