في سياق ادمانها معارضة قرار وقف العدوان الإسرائيلي على غزة بمجازره السادية، استخدمت الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) ضد مشروع قرار قدّمته الجزائر في مجلس الأمن الدولي يدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة.
وقالت سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد، لمجلس الأمن، إن القرار الذي اقترحته الجزائر سيؤثر سلباً على المفاوضات الحسّاسة الجارية في المنطقة.
وقال مسؤول أميركي لشبكة CNN في وقت سابق، إن وقف إطلاق النار الفوري المقترح في قرار الجزائر سيضرّ بالمفاوضات الجارية مع مصر وقطر، التي قال المصدر إن إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن تعتقد أنها ستكون أكثر فعالية في إخراج الرهائن من غزة.
وقالت توماس غرينفيلد بعد التصويت: «إن المضي في التصويت اليوم كان مجرد تمنٍّ وغير مسؤول، ولذا فرغم أننا لا نستطيع دعم قرار من شأنه أن يعرض المفاوضات الحسّاسة للخطر، فإننا نتطلّع إلى المشاركة في نص نعتقد أنه سيتناول الكثير من المخاوف التي نتقاسمها جميعا».
الواضح ان واشنطن الداعم الرئيسي للاحتلال الإسرائيلي ومجازره، تعمل بكل وسائلها الممكنة لشراء الوقت لتل أبيب من أجل استكمال مخططها بإبادة غزة وتهجير الضفة وتغيير معالم القدس، وبالنظر الى نتائج الوساطة الأميركية – المصرية – القطرية والتي لم تحقق شيئآ يُذكر سوى سلب إسرائيل نصف ورقة الأسرى لدى حماس باتفاق وقف إطلاق مؤقت للنار سابق تبيّن فيما بعد عدم إنسانيته بعدما استأنفت إسرائيل جرائمها بشكل مضاعف.
ومع افتراض حسن النوايا القطرية والمصرية، وأمام السؤال التالي هل تستغل واشنطن دور الوسيطين القطري والمصري في غزة كحديقة خلفية عن مجلس الأمن لتضليل الرأي العام الدولي وتمرير مخططاتها، يتضح ان واشنطن نجحت بترويج الوساطة تلك كبديل عن مجلس الأمن وجعلتها مجرد ساحة خلفية مضللة، لأنه ورغم تمتع واشنطن بحق استخدام النقض الفيتو إلّا انه يمكنها الاستفراد بقطر ومصر بمطالبتهما بالمزيد من الضغط على حماس، بما لا يمكنها فعل ذلك مع المجتمع الدولي ككل لا سيما بما يثير ذلك إعلامياً وإنسانياً أقلّه ان واشنطن تريد تمرير المماطلة الأكثر استحقاقاً مخافة اقتراب شهر رمضان المبارك حيث تعتقد انه الشهر الذي يلهب مشاعر المسلمين في العالم، تجاه قضيتهم المركزية فلسطين، حيث استطاعت حتى الآن بوسائل متعددة الحد من تلك المشاعر وتدجينها وبالتالي يبدو رد الفعل شبه منعدم على المستويين الرسمي والشعبي.
السؤال المطروح ماذا لو أوقفت قطر ومصر وساطتهما وقد سبق ذلك رغبة «حركة حماس» بوقف التفاوض وهي المستثناة أصلاً وبشكل مباشر عما عرض عليها من اقتراح باريس ولاحقاً علقت تل أبيب ما تم التحاور بشأنه، وحجة حماس ان التفاوض تحت نير استمرار المجازر وعدم تحقيق نتائج لم يعد مجدياً، وأن كل ما يعرضه الأميركي بالنيابة عن موكلته إسرائيل هو المزيد من التعنّت الإسرائيلي وان تفرج المقاومة عن الأسرى لديها وبعدها تستأنف تل أبيب حربها تحت وهم وملهاة حل الدولتين، لا شك ان خطوة مثل هذه تعرّي كلياً الدور الأميركي أمام العالم وتعيد الكرة الى مجلس الأمن لتحمّل مسؤولياته لانه الرهان على الجنائية الدولية آمال مؤجلة تتطلب المزيد من الوقت حيث المطلوب الوقف الفوري للعدوان، لان استمرار وتيرة المجازر والضحايا من الغزيين على النحو الذي يحدث يفيد أن الإبادة والتهجير محققين في ظل المماطلة الأميركية الحالية وعدم ممارسة واشنطن ضغوط حقيقية على تل أبيب، دون أن يعفي ذلك العرب والمسلمين من جريمة عجزهم وتواطئهم وترددهم في استخدام أوراقهم الحاسمة التي لو شعرت واشنطن بدنوها لأوقفت الحرب فوراً حفاظاً على مصالحها الحيوية في الشرق الأوسط، يبدو ان «الدوحة» المناصر العربي الأهم لغزة والتي باتت تشعر بثقل التعنّت الإسرائيلي والتواطئ الأميركي في ملف التفاوض بالتوازي مع تسلم محكمة العدل الدولية رد إسرائيل «السري» السلبي حسب التسريبات الأولية والتي جاءت على لسان أكثر من مسؤول صهيوني والذي حوّلته المحكمة الى جنوب أفريقيا بشأن التدابير المتعلقة بمنع الإبادة الجماعية، والاستعداد لاجتياح رفح مع ما يعني من ارتفاع وتيرة المجازر فإن «قطر» حريصة على ألا تكون جهودها عبثية وهي ليست بعيدة عن اتخاذ مثل ذلك القرار بوقف الوساطة.