Site icon IMLebanon

نتنياهو بين «إعلان بايدن» ومطرقة اليمين المُتطرّف وسندان المُعارضة!

 

يُواجه رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مأزقاً حقيقياً جديداً، صعباً وبالغ الخُطورة، ربما لا يرتبط فقط بمصير الحكومة التي يترأسها، مُنذ 29 كانون الأول/ديسمبر 2022، بل مُستقبله السياسي!

على نتنياهو الاختيار بدقةٍ بالغة، ممّا هو مطروح ومُتوافر أمامه، والذي يتمحور حول:

 

1- إعلان الرئيس الأميركي جو بايدن خطةً لوقف الحرب على غزّة، والتي تنتظر مُوافقة نهائية من نتنياهو.

2- تهديد شُركاء نتنياهو في الحكومة، المُتطرّفين: وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير ووزير المالية يتسلئيل سموتريش، بالانسحاب من الحكومة وحلّها، إذا ما وافق على «إعلان بايدن»، ولم يستمرّ بالحرب كما أُعلن للقضاء على «حماس».

3- إنذار رئيس «المُعسكر الصهيوني» بيني غانتس بالانسحاب من حكومة الحرب في موعد أقصاه 8 الجاري، إذا لم يُوافق نتنياهو على وقف الحرب.

أي من هذه الخيارات سيكون صعباً ومُكلِفاً على نتنياهو، الذي يقع بين «إعلان بايدن» ومطرقة اليمين المُتطرّف وسندان المُعارضة!

 

إذا رفض نتنياهو «إعلان بايدن»، فإنّ ذلك سيُصعّد من حدّة الخلافات بينهما، والتي فرضت تداعياتِ الحربِ على غزّة لقاءهما والتواصل، بعد فتور في العلاقات وعدمِ الالتقاء، منذُ تشكيل نتنياهو للحكومة السابعة والثلاثين.

وبالتالي، فإنّ بايدن يسعى إلى وقف الحرب على غزّة، على بُعد 153 يوماً من إجراء الانتخابات الرئاسية الأميركية في 5 تشرين الثاني/نوفمبر 2024.

ويُريد الهروب من تداعياتِ انحيازه بالدعم المُطلق للكيان الإسرائيلي، والذي انعكس سلباً على نتائج الاستطلاعات، التي أظهرت تراجُع تأييد «الحزب الديمُقراطي» ما يُهدّدُ بفقدانه الرئاسة!

وإذا استمرّ بايدن بدعم الكيان الإسرائيلي، ولم تتوقّف الحرب، فذلك سيكون فرصة سانحة أمام مُنافسه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب للفوز بالرئاسة، وهو ما يأمله نتنياهو بعودة حليفه إلى سدّة الرئاسة لولاية 4 سنوات جديدة!

سيكون بايدن مُضطراً إلى مُمارسة الضغوط لجهة وقف تسليم مُساعدات عسكرية أو دعم مالي إلى الكيان الإسرائيلي، وإنْ كان لذلك حسابات دقيقة، نظراً إلى الصّوت المُؤثّر من قِبل «اللوبي اليهودي» و»الصهيونيّة المسيحيّة» في الانتخابات، وهما يدعمان قيام دولة يهوديّة على أرض فلسطين!

وسيُواجه نتنياهو بجدّية تهديد بن غفير وسموتريش بالانسحاب من الحكومة، ما يعني انهيارها وفقدانه ثِقة حُلفائه في اليمين المُتطرّف و»الحريديم»، ما يُشكّل أزمةً حقيقيةً سيُواجهها في أيّ انتخاباتٍ مُقبلةٍ لـ»الكنيست»، مع تراجُع حزب «الليكود» الذي يترأسُه من 32 مقعداً يشغله حالياً إلى 19 وفق الاستطلاعات.

وعدم إمكانيته إيجاد حليفٍ يدعمُ ترشّحه لرئاسة الحكومة، وهو الذي يُعاني حالياً مع حُلفائه اليمينيين من تراجُع في استطلاعات الرأي، لن تُمكّنهم من تحقيق الأغلبيّة المطلوبة.

بينما انسحاب غانتس من الحكومة، سيُعزّز وضع حزبه في أي انتخاباتٍ مُقبلة، بعدما ارتفعت نسبة احتمال تمثيله إلى 31 مقعداً، وهو ما يفوق بكثيرٍ المقاعد الـ12 الحاليّة التي يتمثّل بها.

وما يَخشاه نتنياهو، إذا ما ضحّى بحلفائه من اليمين المُتطرّف، فقدان حليفٍ أساسي، و»تعريته» وخَسارة الحُلفاء التقليديين الدّاعمين له!

في المُقابل، فقد أعلن زعيم المُعارضة يائير لبيد استعداده لتوفير شبكة أمانٍ لبقاء نتنياهو برئاسة حكومة الحرب، إذا سار الاتفاق الذي أعلنه بايدن.

لكن ذلك لا يُطمئِن نتنياهو، الذي اشتَهر بـ»مَكائده»، من أن يقعَ فريستها، بانقلاب المُعارضة ضدّه للإطاحة به من الحُكم!

لذلك يريدُ ضماناتٍ بألا يتمّ الغدرُ به بإسقاط حكومته، وبعد ذلك الدّعوة إلى إجراء انتخاباتٍ مُبكّرة، تكون نتائجها كارثيّةً عليه.

لهذا، فإنّ نتنياهو يسعى إلى ضماناتٍ من بايدن والمسؤولين الأميركيين، ولعلّ في مُخاطبته الكونغرس الأميركي خلال الشهر الجاري، سيُحاول في كلمته استقطاب العَطف الأميركي، مع تلويحٍ من «الديمُقراطيين» بمُقاطعة كلمته وتعطيل خطابه!

أيٌّ من الخيارات التي سيُقرّر نتنياهو السّير بها، ستكون صعبة عليه، لأنّها «مُقامرة» بحياته السياسية، في وقتٍ يُواجه احتمال تبنّي «المحكمة الجنائيّة الدّوليّة» طلب المُدّعي العام فيها كريم خان، بإصدار مُذكّرة توقيف وأمر اعتقالٍ بحقّه، بتُهمة ارتكاب جرائمَ حربٍ في قطاع غزّة، ما يعني احتمالَ توقيفه لدى دولٍ مُوقِّعة على «مُعاهدة روما»!

ومع مُواجهة الكيان الإسرائيلي للقضيّة المرفوعة ضدّه لدى «محكمة العدل الدّوليّة» من قِبَل جنوب إفريقيا، بجرائم حربِ الإبادةِ الجماعية في قطاع غزّة ضدّ الشّعب الفلسطيني.

هذا في وقتٍ، يُلاحقُ نتنياهو بـ3 قضايا فساد في المَلفات: 1000، 2000 و4000، بتُهم: الرّشوة، الاحتيال وخِيانة الأمانة، ما يُهدّد مصيره السياسي، ويقوده إلى السّجن مع مُغادرته رئاسة الحكومة!