من الأخير، لماذا في كل مرة تحتاجون فيها إلى فلس، تدقُّون بجيب الأرملة؟
هنا الفلس هو الخمسة آلاف ليرة، والأرملة هي المواطن، وحاجتكم إلى الخمسة آلاف ليرة هي لتغطية احتياجاتكم في بعض الإستحقاقات المالية.
مهلاً، قبل المس بفلس الأرملة، هناك نحو مليار دولار بإمكانكم تحقيقها كوفر من جراء عدم ترحيل النفايات إلى الخارج والإكتفاء بترحيلها إلى الداخل. أليس هذا ما يجري من مبادرة فردية من بعض البلديات ومنها بلدية الحازمية، في ترحيل النفايات إلى معمل صيدا؟
لماذا لا يتمُّ تعميم التجربة فتُنشأ معامل في المناطق على غرار معمل صيدا، وهكذا يتم الإستغناء عن الترحيل إلى الخارج وتحقيق وفر على خزينة الدولة يُقدَّر بنحو مليار دولار يمكن استخدامها فوراً في توفير بعض احتياجات الدولة ولا سيما الذخيرة للجيش اللبناني.
هل تريد الحكومة الأموال لخزينة الدولة؟
إليها بعض الأبواب التي من خلالها بإمكانها توفير الكثير، من هذه الأموال، ومن هذه الأبواب:
إلغاء أسفار جميع الوفود إلى الخارج وتكليف السفراء المعتمدين تمثيل لبنان في المؤتمرات، وتحويل موازنات هذه الأسفار إلى اعتمادات للحاجات الضرورية.
لا يمرُّ أسبوع إلا ويكون وزير أو وفد نيابي في الخارج وعلى حساب خزينة الدولة، هذا لا يجوز في بلدٍ يبحث عن فلس الأرملة، أما رئيس الحكومة وأسفاره قد يكون مُرغماً عليها لتمثيل لبنان على مستوى حكومته.
وقف التلزيمات بالتراضي التي هي ترضيات، فهل من بلدٍ في العالم يُلزِّم بالترضيات؟
أليست هذه باباً من أبواب التنفيعات؟
فليتم توقيفها وعندها يتحقق الوفر الكثير.
التخلي أيضاً عن الإيجارات الباهظة التي تدفعها بعض الوزارات والإدارات، من دون أن تكون هناك حاجة إلى ما هو مستأجر من أبنية ومكاتب، وهناك أمثلة كثيرة عن هذه الإيجارات التي إذا أُحصيت توفِّر أموالاً باهظة بالإمكان استخدامها في الكثير من النواحي.
وقف حصص الزفت للنواب، آن الأوان لوضع حدٍّ لهذه البدعة! ما حاجة النائب إلى الزفت؟
ما علاقته بالبنى التحتية؟
تنفيعات وترضيات أليست هناك أمور أخرى القيام بها؟
كادت الخمسة آلاف ليرة، ضريبةً على صفيحة البنزين، أن تمر، لكن فات الحكومة أنَّ الرأي العام لم يعد كما كان:
لقد جاهَر الرأي العام بأن الخمسة آلاف ليرة حيوية بالنسبة إلى المواطن، إذا لم تكن حيوية بالنسبة إلى السياسي:
قال المواطن للسياسي إنَّ الخمسة آلاف ليرة تشتري ثلاث ربطات خبز ونصف ربطة، أي انها تكفي لتوفير الخبز لعائلة على مدى أسبوع.
قال المواطن للسياسي إنَّ الخمسة آلاف ليرة تكفي المواطن العادي أن يدفع لسيارة الأجرة على مدى عدة أيام، وتكفي ترويقة مناقيش لثلاثة أيام للمواطن العادي، فكيف يجوز حرمانه منها؟
إنَّ المواطن العادي يعرف واجباته أكثر من السياسي، ويعرف أنَّ ملاذه الوحيد هو وطنه، وليس له مكان آخر يذهب إليه، بعكس السياسي تماماً، فارحموا المواطن وارحموا خزينة الدولة، وفكِّروا قليلاً قبل أن تمدوا أيديكم إلى جيب المواطن التي ربما ليس فيها سوى… خمسة آلاف ليرة.