ليس بالأمر الغريب على إعلام «الممانعة» إنكار الإنجاز العسكري والنوعي الذي حقّقته المملكة العربيّة السعوديّة في اليمن، من خلال «عاصفة الحزم» التي قامت بها مع عدد من الدول العربيّة تحت مظلّة «الجامعة العربيّة»، خصوصاً وأن لهذا «الإعلام» تاريخاً من الانكارات والإسقاطات بحق السعوديّة الساعية على الدوام وطيلة السنوات الماضية إلى خلق مناخات توافقيّة بين جميع المكوّنات اللبنانيّة تحت سقف واحد أهم عناوينه مصلحة لبنان.
مع إعلان المتحدث الرسمي باسم «عاصفة الحزم» أحمد عسيري انتهاء عملية «عاصفة الحزم» في اليمن بناء على طلب الحكومة اليمنية، أطلت أبواق الإعلام «الممانع» في هجمة مُنسّقة للتقليل من شأن الإنجاز الذي تحقّق والذي كان هدفه شل القدرات العسكريّة للميليشيات «الحوثيّة» المدعومة إيرانيّاً ومنعها من تشكيل خطر دائم على دول الخليج وتحديداً السعوديّة بحيث وصفت هذه الأبواق العمليّة بأنها لم تُحقّق أي إنجاز يُذكر علماً أن الإنجاز الحقيقي والأهم منع إيران من تهديم اليمن عبر ميليشياتها تماماً كما فعلت في كل من العراق وسوريا.
هي حرب إعلاميّة مُستمرّة تشنُها إيران وحلفاؤها في المنطقة ضد السعوديّة، حرب يتبرّع «حزب الله» كعادته ليكون رأس حربة فيها وهو الذي يبرع في هكذا مجالات أكثر من غيره وهذا ما يظهر بشكل جليّ من خلال إنجراره للقتال في العراق وسوريا ويُضاف اليها ما يُحكى عن تحضيرات له لإرسال مُشرفين عسكريين إلى اليمن لتقويم الخسائر الميدانيّة التي تكّبدها حلفاؤه «الحوثيون» وإعادة تجميعهم، وأيضاً لمتابعة المرحلة المُقبلة وما يُمكن ان يُسفر عنها ولكن دائماً ما يكون تدخّله في أي مكان خدمة لمُخطّط فارسي قال فيه نائب وزير الخارجيّة الإيراني حسين امير عبد اللهيان والباحث الإستراتيجي الإيراني محمد صالح الحسيني «إن العواصم العربيّة تسقط بيد إيران الواحدة تلو الأخرى محدّدين بيروت ودمشق وبغداد وأخيراً قالوا إن «صنعاء» تسقًط بأيدي «الإمبراطوريّة» الإيرانيّة».
«دع العسكر لأهل العسكر» جملة تبدو أقرب إلى الواقع الذي تعيشه المنطقة اليوم بعيداً من تحليلات «الممانعين» السياسيّة «البيزنطيّة». ومن هذا المنطلق وتقويماً للدور الذي لعبته السعوديّة في اليمن يقول الخبير الاستراتيجي والعسكري العميد المتقاعد الياس حنا في حديث الى «المستقبل» إن «النتائج التي أعلنتها المملكة العربيّة السعوديّة من ضرب قواعد عسكريّة لـ«الحوثيين» ومنصّات صواريخ، قد تم تحقيقه بالكامل والـ 2400 غارة التي نفذها حلف «عاصفة الحزم» قد حقّقت بدورها جميع أغراضها. لكن يبقى القول إن الرئيس عبد ربه منصور هادي ما زال خارج البلاد ويجب أن يعود لإتمام العمليّة السياسيّة المُقبلة لأن الانتقال من البعد العسكري إلى السياسي لا يمكن إلا أن يُترجم بالسياسة. لكن من المؤكد أن الأهداف العسكريّة السعوديّة تحققت بأكملها خصوصاً وأننا نتحدّث هنا عن أهم سلاح حربي جوي في القرن الواحد والعشرين تمتلكه السعوديّة».
وبرأي حنّا أن «وقف العملياّت لا يعني على الإطلاق أن الحرب توقّفت نهائيّاً، فقد تكون هناك حروب محدودة أو مناوشات يمكن أن تفتعلها الجماعات المُسلّحة عند الحدود مع السعوديّة ولذلك فإن المملكة ستبقى مُتيقّظة من أمور كهذه رغم أنّها بدأت مرحلة الأمل وبيّنت أيضاً من خلال «عاصفة الحزم» أنها قوّة فاعلة في المنطقة وأن ما تقوله أو تُعلنه ليس مجرّد كلام، واليوم سوف تنتقل السعوديّة إلى المرحلة الثانية وهو الشق السياسي الداخلي». ويلفت إلى أنه «تبقى هناك لعبة سياسية محدودة قد يقوم بها أي فريق لتحسين شروطه على الطاولة من ضمنها السيطرة على عدن التي هي جزء رئيسي من الحرب، وإذا ظلّت السعودية مُحتفظة بها فهذا يعني أنها خلقت توازناً داخلياً تستطيع ان تُحصّن فيه موقع الرئيس هادي».
ويشدّد حنّا على أن «السعودية حققت سيطرة جويّة وبحريّة في اليمن بحيث ضربت الأهداف العسكريّة والسياسيّة للحوثيين وشتّتت مُسلّحيهم وضربت أيضاً صواريخهم الباليستيّة.» ويجزم بأن «السعوديّة هي قلب العالم العربي والإسلامي وهي تحاول إعادة إحياء «النظام العربي» للتوازن مع تركيّا وإيران من دون أن ننسى أن مصر هي جزء أساسي من هذا النظام، واليوم رأينا كيف أن «عاصفة الحزم» كانت جزءاً من «ناتو» عربي قد يكون له دور مُقبل في سوريا. بمعنى أوضح نحن نسير في مرحلة جديدة عنوانها عرب بقيادة السعوديّة وبتنظيم عسكري جديد لم تشهده المنطقة من قبل».
وحول التعاطي الإيراني في المنطقة خلال المرحلة المقبلة وتحديداً في اليمن، يخلص حنّا بالقول: اليمن ليس مهماً لإيران بقدر ما هو مُهمّ للسعوديّة أولاً لكونهما بلدين عربيين، أمّا بالنسبة إلى إيران فهي لن تخسر شيئاً طالما أنّها تُقاتل العرب بالعرب على أرضهم، فإذا ربح حلفاؤها العرب تكون قد انتصرت وإذا خسر العرب تكون الخسارة لكل العرب».