«جيمي» عاصفة آتية الى لبنان، و«سوزي» هي الأخرى في طريقها، بعد أن تكون غادرت «نويل»، وكانت «بربارة» في الضيافة اللبنانية على السعة والترحاب طالما أن عواصف هذه الأيام تحمل الأبيض ليس الى السفوح اللبنانية فحسب، وإنما الى الداخل اللبناني متغلغلة في القلوب والنوايا والفعل وتسطير الانجازات والاتفاقيات والحركة التي فيها بركة، فهل من لا زال يرى في العواصف وجهاً مكفهراً، يهدد ويتوعد؟.
قد يأتي الجواب الأبيض: ومما تشكو العواصف طالما أنها تحمل هذه الأيّام الخير للبلد، وطالما أنها في زحمات السير والطرقات المختنقة، لم تعد مبعث تذمّر وشكوى، وإنما مناسبة يلتم معها العالقون حول الحدث المرتقب. يبادر سائق:« اليوم في حكومة.. اتفقوا بنسبة 99 في المئة «، فتتشابك الأسئلة والهواجس:«شو 24 أو 30؟»، « يا ترى غيّبوا حدا؟»،» الكل راضي..؟»..ملحقة بالتطمينات:« خلصت»، وبالتقدير:« الواحد في المئة بدو واحد يوم بعد»، وبالحماسة: «قبل ما توصل عالبيت بتكون تشكلت».
وفي مفارقة الأيام والدردشات التي تدور في الظروف المناخية المهرولة من عاصفة الى عاصفة، أنّ «ورشة» البلد قائمة ومعها ورشة حكومية وأخرى تتأهب لاستقبال الأعياد. وعلى اختلاف الجبهات والمواعيد والحسابات الداخلية، البلد في احتفالية ألوان وبهرجة زينة وأشكال لم تفلح العواصف المتناوبة في لجم استعداداتها لاستقبال «نويل» الميلاد وتلك النجمة البعيدة التي ما أن تلمع في سماء لبنان، تكون ولادة ويكون خيراً وسلاماً وفرحاً تزهو به عيون الأطفال في اكتشافهم شوارع البلد وأبنيته وأحياءه، كلها تتلألأ بالأنوار وبالأمطار كما لو أنها سمفونية الحياة تعود الى بلد يفيق من سبات عميق.
وفي المفارقات كذلك، أن الرؤية لم تعد «عاصفة»، أو أنها مصحوبة بزخات من الاتهامات والنوايا المبيتة، ذلك أن المسؤولين والسياسيين والأحزاب والتيارات خبراء في الطقس كما في السياسة كما في الطرقات والمسارب و«الزوربة». بارعون في حلبتهم، وفي التزلج، كما في لعبة شد الأنظار وافتتان من حولهم، فإن هم قالوا: حسناً أنها طافت، انفرجت أسارير، وإن تأففوا لانسداد المسارب اكفهرّت وجوه..وعلى المنوال الطرقات سالكة برغم الثلوج والطقس العاصف. الكل مطمئن على وضعه، وعلى عهد جديد موسوم بالأبيض، وبحركة ناشطة لجرافات تعمل على مختلف الجبهات.. إذاً هي الأحوال، سالكة وآمنة.