Site icon IMLebanon

«عاصفة الحزم» لبنانيًّا: ماذا حققت السعودية؟

«عاصفة الحزم» لبنانيًّا: ماذا حققت السعودية؟

نصرالله والحريري والحلفاء.. و«انتصارا» اليمن!

كما فاجأت السعودية العالم بإعلان حربها على اليمن تحت اسم «عاصفة الحزم»، فاجأته بعد 27 يوماً بوقفها باعتبارها «حققت أهدافها»، وهذا يدخلها حتماً في حرب من نوع آخر تفرض عليها تسخير قدراتها وإمكاناتها الإعلامية للترويج «لانتصارها»، سواء أكان جدياً أو وهمياً، ولتزرع هذا الانتصار في الذهن الخليجي والسعودي على وجه الخصوص. وأما في المقلب الآخر، فسيحتفل «انصار الله» (الحوثيون) بـ«انتصارهم» الذي تلاشت أمامه ما ثبت بالملموس على مدى الايام الـ27 أنها عاصفة هدم لكل البنى والمؤسسات والإدارات اليمنية!

لقد ثبت خلال الحرب السعودية على اليمن، ان لبنان هو الساحة الأكثر تفاعلاً معها، حتى أكثر من الرياض نفسها او سائر الدول المشاركة في تحالف «عاصفة الحزم». انقسم اللبنانيون مع سقوط أول صاروخ سعودي على اليمن، انقسموا على الأسباب، والآن انقسموا على النتائج. وها هي طلائع الانقسام اللبناني تتكرر ربطاً بالسباق السعودي ـ الحوثي لإعلان «الانتصار»، وتتبدى في مسارعة «المنقسمين» الى محاولة قطف ثمار هذا الانتصار و«تقريشه» لبنانياً.. وبالتالي استثماره في اللعبة الداخلية!

في هذا الجو «الانتصاري»، لن تتأخر الإطلالة الرابعة للأمين العام لـ «حزب الله» السيّد حسن نصرالله، لتقديم تقييمه النهائي للحرب التي اعتبرها خاسرة من البداية، وعرض نتائجها وتداعياتها والارتدادات التي ستليها حتماً، وكذلك الاحتمالات على مستوى كل المنطقة. ولقد بدأ التمهيد الإعلامي على الفور تحت عنوان «صمد الشعب اليمني.. وانتصر». كما لن يتأخر حلفاؤه في «8 آذار» في المسارعة الى حجز أماكنهم بالقرب منه مجدداً. علماً أن بعض هؤلاء الحلفاء تقريباً، كانوا غادروا أماكنهم خلال الحرب. منهم من اعتبر وقوف نصرالله ضد السعودية خطوة متسرعة. وأخذ آخرون عليه هجومه عليها فذهبوا الى مسايرة السعودية بوصفها «الأم الحنون» للبنان، ومنهم من قال صراحة إنه قرر «أن يمشي الحيط الحيط ويقول يارب السترة»، ونأى آخرون بأنفسهم فأغمضوا عيونهم عن تلك العاصفة، ومنهم من تمنى صراحة على حزبيين «لا تحرجونا، دعونا نتحرّك في الهامش المتاح لنا، خلونا مستورين لا تصريح ولا تلميح».

وأما «حزب الله» فقد تفهّم ارتباك حلفائه: «لكم مواقفكم ولي موقفي، وليس منكم من هو ملزم بأن يقف معي في مواجهتي السعودية، وليس مطلوباً منكم أن تنصروني بكلمة او تصريح، خذوا الموقف الذي تريدون، ودعونا نأخذ الموقف الذي نريد».

وفي هذا الجو «الانتصاري» نفسه، لن يتأخر سعد الحريري في ان يُدلي بدلوه تعظيماً وتمجيداً بانتصار السعودية. وسيشاركه الحلفاء في «14 اذار». وكذلك من سعى بمواقفه «الوسطية» الى محاولة فتح حساب في بيت المال السعودي.

كان لسان حال المتحمسين في التيار الأزرق «أن الانتصار حتمي والمسألة مسألة أيام قليلة، وسيُهزم الحوثيون، وانتصار السعودية سيكون مدوِّياً.. اليوم اليمن، وغداً سوريا، وبعدها لبنان». استنسخ هؤلاء رهانهم على هزيمة «حزب الله» في حرب تموز 2006، وأخذوا يعدوا الايام للحوثيين، لكن مرّت الأسابيع ودخلت عاصفة الحزم في المراوحة، وانتهى بنك الأهداف ولم يلحظ هؤلاء المتحمسون نتائج ملموسة على الارض يمكن ان يُقطف منها انتصار، فبدأ القلق يتسرّب الى النفوس، وسؤال وحيد حكم كل المجالس الزرقاء «ألم تطل الحرب أكثر من اللازم؟ ، قيل عن انتصار سريع سيحصل، فأين اصبحنا، وهل ما زال الانتصار ممكناً، وماذا لو لم يتحقق هذا الانتصار؟

يلاحظ احد الخبراء بالشأن اليمني عدم انسجام بين اعلان وقف الحرب واستمرار الغارات الجوية على المدن اليمنية، وكذلك بين ما اعلنه التحالف الخليجي وإعلان البيت الابيض ان مهمة «عاصفة الحزم» لم تنته بما يناقض تماماً ما اعلنه التحالف، مع تأكيد واشنطن على الحل الديبلوماسي.

فضلاً عن ان الكلام عن تحقيق الأهداف، بحسب الخبير المذكور، يناقض سلة الشروط التي وضعتها السعودية في بداية عاصفة الحزم لإنهاء الحرب، ولعل اهمها: «انسحاب الحوثيين من صنعاء وجميع المدن، وتسليم اسلحتهم بدون قيد او شرط، وعودة الرئيس (المستقيل) عبد ربه منصور هادي وحكومته الى صنعاء وممارسة جميع اعمالهم وكل صلاحياتهم، إعلان الحوثيين انفسهم حزباً سياسياً وإلغاء جميع التعيينات والقرارات التي اتخذوها خلال الفترة السابقة، والعودة الى نتائج مؤتمر الحوار وتنفيذها خلال ستة اشهر فقط مع إشراف الحكومة على تنفيذها بالكامل».. وغيرها من الشروط التي لم يتحقق اي منها.

الحوثيون ما زالوا في صنعاء، وهم تظاهروا احتفاءً «بانتصارهم»، وها هم يتمددون أكثر على الأرض!