لم يبدأ عملياً موسم الإنتخابات والترشيحات النيابية في المناطق على رغم أنّ اللبنانيين مسيّسون، وتأخذهم أحاديث الإنتخابات أكثر من المطالب الحياتية والمعيشية.
كثيرة هي التكهنات التي تدور في الأزقة والشوارع حول الإنتخابات، بدءاً من تأجيلها، مروراً بالتحالفات، وصولاً الى أسماء المرشحين المستقلين أو الحزبيين.
يُجمع خصوم «التيار الوطني الحرّ» في جزين وخارجها، على أنّ هذا القضاء المسيحي يغلب عليه اللون البرتقالي، وقد أثبت ذلك في انتخابات العام 2009 حين حصد تكتل «التغيير والإصلاح» مقاعده المسيحية الثلاثة، ثمّ في الإنتخابات البلدية والنيابية الفرعية العام الماضي، لكنّ عونيّي جزين يرون أنّ «الخصم القادم علينا من الخارج لا يضرّنا مثلما تضرّنا خلافات أهل البيت».
يُعتبر «التيار الوطني الحرّ» من أكثر القوى السياسيّة التي تشهد فوضى تنظيميّة وخلافات داخلية، وقد حاول الوزير جبران باسيل فور تسلّمه مهماته على رأس «التيار» ضبط الوضع لكنّه جوبه بمعارضة شرسة أدّت الى إقصاء جميع المعترضين وباتوا خارج صفوف «التيار» التنظيمية.
قد يكون خبر استقالة هيئة جزين في «التيار» مفاجئاً للعونيين خارج القضاء، لكنّه عادي بالنسبة الى عونيّي جزين الذين يعايشون التنافس الداخلي في صفوفه، ولا ينسى أحد كيف أنّ قسماً من العونيين حاول إسقاط رئيس بلدية جزين الحالي خليل حرفوش في الإنتخابات الأخيرة، معتمدين على انتخاب اللائحة وتشطيب إسم حرفوش.
ويختصر مصدر في «التيار» ما حصل في جزين وأدى الى استقالة الهيئة، فيقول لـ«الجمهورية»: تعيش هيئة «التيار» في القضاء خلافات كبيرة وتوزّع لقوى النفوذ، فمنسق «التيار» اسعد الهندي الذي استقال كان من مؤيّدي النائب أمل أبو زيد لكنّ خلافاً نشب بينهما، من ثمّ نشب خلاف آخر بينه وبين منسق مدينة جزين مارون قطّار، إضافة الى خلافات بين رؤساء بلديات ومخاتير، وبما أنّ كل عضو من هيئة «التيار» يوالي إحدى القوى، فإنّهم قدّموا استقالاتهم تباعاً، من ثمّ استقال المنسّق و«فَرطت» الهيئة، علماً أنّ الجميع يقول عن المنسّق الحالي أنه «آدمي».
وفي المعلومات أيضاً، أنّ الإتجاه الغالب هو لتعيين منسق جديد سيكون على الأرجح رئيس بلدية بكاسين حبيب فارس، على أن تُجرى الإنتخابات الداخلية لاحقاً.
يعيش «التيار» حقبة صراع نفوذ داخله في جزين، وقد زاد اعتماد الصوت التفضيلي في قانون الإنتخاب من حدّة التنافس الداخلي، خصوصاً انّ كل مرشّح يطمح الى الفوز، في حين أنّ «البوسطة» كانت توصِل النواب الى المجلس.
وإذا كانت استقالة هيئة القضاء تأتي في سياق التطاحن الداخلي، إلّا انّ العاصفة الجديدة التي قد تأتي تتمثّل في اعتماد الترشيحات النيابية، مع ارتفاع حدّة التنافس بين أبو زيد والنائب زياد أسود من جهة، والإتجاه نحو الإستغناء عن أسود من جهة أخرى.
ويتحدّث عونيّو جزين لـ«الجمهورية» عن اتجاه يبدو كبيراً لاستبدال أسود بمستشار رئيس الجمهورية جان عزيز، ما سيخلق مشكلاً كبيراً داخل «التيار» خصوصاً أنّ أسود يعتبر نفسه من النواب الذين يملكون حيثية ويتفوّق على الجميع، والإستغناء عنه سيكون مُكلفاً في ظل الصوت التفضيلي، فيما يطالب عدد كبير من العونيين بالتغيير وبثّ دم جديد في العمل البرلماني.
ويدور الحديث في الأروقة الجزينية عن أنّ «التيار» سيرشّح إثنين وليس ثلاثة في جزين، وإذا رشّح ثلاثة فإنه سيوزّع أصواته التفضيلية على مرشحين، مع تقديره أنّ المرشح إبراهيم العازار قادر على الخرق بعدما أعلن الرئيس نبيه بري أنه مرشّحه، وكذلك، إذا تحالف مع النائب السابق أسامة سعد، بينما سيتحالف «التيار الوطني الحر» مع تيار «المستقبل» في صيدا.
من جهة ثانية، قد يحصل اتفاق بين «التيار» و«القوات اللبنانية» على أن يركّز الأول على المقعدين المارونيين، وتركّز «القوات» على الفوز بالمقعد الكاثوليكي عبر مرشّحها عجاج حدّاد.
لكن وحتى الوصول الى الإنتخابات النيابية، لدى «التيار» مهمّة تنظيمية كبيرة في جزين، خصوصاً أنّ الصراعات الداخلية تأكل من وجوده وحضوره، وأيّ خطوة تغييرية للأسماء المرشحة ستزيد من قوّة العاصفة الداخلية، في حين أنّ الشعبية التي بلغها في جزين وصلت الى الذروة، فهل بدأ زمن التراجع؟