IMLebanon

عاصفة في فنجان  

 

اعتبر الرئيسان ميشال عون وسعد الحريري أنّ الأجواء العاصفة التي هيمنت على لبنان في الأيام الأخيرة ليست مبالغاً فيها وحسب، إنما كانت غير حقيقية. بل ذهب كل من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة  أبعد من ذلك فتحدثا عن الأجواء الإيجابية، وقد تجاوز وزير الإعلام هذا التفاؤل الى تفاؤل أكبر بحديثه عن «الأجواء الإيجابية جداً».

 

فلماذا كانت هذه الهمروجة السلبية التي عشناها؟ الجواب جاء من الرئيس الحريري الذي قال إن ثمة من يسعى الى الإيحاء، وكأن البلد في ظرف مأزوم فيما المؤشرات والمعطيات إيجابية وتخالف ما يتم الترويج له. وهذا إتهام صريح، كان رئيس الجمهورية قد استبق الحريري الى مثله بقوله إن بعض هذه المواقف (التي صدرت بعد قرار مجلس الدستوري) «خرج عن المألوف (…) لافتا الى ضرورة تحمل الجميع مسؤولياتهم حيال هذه المواضيع الدقيقة وعدم أدخالها في سوق المزايدات وتوزيع الإتهامات لاعتبارات مختلفة».

اللافت أن الرئيسين لم يفصحا عن الأسماء، إلا أنهما كانا يعبران بمرارة عن إستنكار شديد لحال مفتعلة لم يكن من شأنها سوى تعميق الأزمات، ومضاعفة الخلافات، فقط من أجل مزايدات قد تكون شعبوية، وقد تكون صادرة عن أحقاد أو عن أهداف سياسية ربما من أبرزها السعي الى فصم العلاقة الجيّدة بين القصر والسراي الكبير.

المهم أنّ القطوع قد فات، والأزمة التي بدت كبيرة تبيّـن أنها لم تكن أكثر من عاصفة في فنجان. إلاّ أن ما يجب التوقف عنده هو إستخلاص العِبَر…

أولاً – إن النزول الى الشارع بات سهلاً… أسهل من شربة الماء. وإذا كانت ثمة مخططات (بعضها مكشوف وبعضها الآخر مستور) للإيحاء بأن البلد في حال من اللاإستقرار، فإنه يجب الإقرار بأن الناس مستعدة للشارع ليس حباً بالنزول إليه وحسب، بل لأنّ هناك أسباباً موجبة اقتصادية خصوصاً، فاقت قدرة المواطن اللبناني على التحمل، وبات متمسكاً بحبال الهواء! علماً أن الإقتناع العام، استناداً الى التجارب السابقة، هو أنّ الدولة «لا تعطي الحقوق إلاّ رغماً عنها».

ثانياً – لم يعد سراً أن «التسوية الرئاسية» (الوفاقية) مازالت أطراف، تعتبرها غير مقبولة، وهي بالتالي مستعدة لتوظيف أي مسألة وتحويلها الى أزمة، لتطويق عهد التسوية بالأزمات والمشاكل.

ثالثاً – إن «الرئيس القوي» يثير هواجس البعض، وهذا ليس سراً… ولا مزيد من الإسهاب في هذه النقطة، الآن.

رابعاً – إنّ التطورات كشفت أنّ التوافق بين الرئاسة الأولى والرئاسة الثالثة الذي أشرنا اليه آنفاً، لم يهضمه البعض في حينه، ومازال لا يهضمه، وهنا أيضاً لا نكشف سراً، وأيضاً لن نسهب في عرض المعطيات، الآن!

خامساً – … وفي كل ما تقدّم يبقى بيت القصيد الذي هو: فتّش عن معركة رئاسة الجمهورية…!