المملكة العربية السعودية، التي تقود هذه الأيام «عاصفة الحزم» ضد ميليشيا الحوثيين المدعومين عسكرياً من إيران، لم تُقدم على هذه العملية إلا بعدما استنفدت كل الوسائل السلمية والدبلوماسية للبحث عن حل سياسي وطني يوقف حمّام الدم ويُعيد الاستقرار والسلم إلى اليمن، وأكثر من ذلك لم تُقدم على هذه الخطوة إلا بعد أن كبُر خطر ما تقوم به الميليشيا الحوثية على الأمن القومي، ذلك لأن الأمن القومي بين اليمن والمملكة وكل دول الخليج لا يتجزأ، ولا يجوز في أي حال من الأحوال تجزئته، وكأن الأمر يعني دولة وشعب اليمن وحده من دون باقي دول الخليج والدول العربية وشعوبها كافة، ويخطئ هنا من يتخيّل أو يحاول أن يسوّق للرأي العام العربي أن ما أقدمت عليه المملكة العربية السعودية ودول الخليج الأخرى وجمهورية مصر العربية هو صراع طائفي، وإن كان الحوثيون ومَن يقف وراءهم ويدعمهم عسكرياً وميدانياً يحاولون استخدام الطائفية لوضع اليد على اليمن، والانتقال الى تهديد المملكة العربية السعودية ومعها تهديد دول الخليج العربي، ونشدد على الخليج العربي لأن إيران قبل الثورة وبعدها تعتبره خليجاً فارسياً، ولا تعترف بأي حال من الأحوال بعروبته، وبالتالي بقيت عيونها على هذا الخليج، وحاولت أن تستغل أي ثغرة لإعادة إيقاظ طمعها به وبثوراته، وكان منها الدعم الذي قدمته وتقدمه للمعارضة البحرانية الشيعية للانقلاب على الحكم في هذا البلد الخليجي، وكان يمكن أن تفعل ذلك منذ زمن لولا تنبّه المملكة العربية السعودية والدول الخليجية لهذا الخطر الآتي من بلاد فارس لضرب الأمن القومي العربي والسيطرة بقوة السلاح الذي تقدمه للسكان الشيعة لتمكينهم من السيطرة على الحكم، وإذا كان ذلك متعذراً فمن أجل إحلال الفوضى والاقتتال في كل دول الخليج. ومن هنا يتوضح أن الموقف الذي اتخذته المملكة العربية السعودية مما يجري في اليمن على يد الحوثيين، وبدعم كامل من إيران، هو ردّ فعل طبيعي ومطلوب من دولة أو دول عربية لردع محاولات ميليشيا الحوثيين، ومن ورائهم إيران، للسيطرة على اليمن باسم الصراع المذهبي أو الطائفي وتهديد دول الخليج والمملكة العربية السعودية بالمصير نفسه الذي حلّ باليمن الذي تربطه بالمملكة حدود على مسافة ألف كيلومتر، وأمام هذه الاحتمالات الخطيرة والتي تبعتها تطورات عسكرية لا تقل خطورة عن الاحتمالات، بات المطلوب من كل الدول العربية أن توحّد موقفها وجبهتها الداخلية لدعم القرار الذي اتخذته المملكة العربية السعودية ومعها دول الخليج ومصر لوقف الانقلاب الحوثي – الإيراني في اليمن، وتمكين السلطة الشرعية في هذا البلد العربي من استعادة زمام الأمر وإعادة الإمساك بالسلطة في اليمن حتى لا يتحوّل هذا البلد العربي الى مستنقع يهدد الأمن القومي العربي، وعدم الانتظار لمعرفة ماذا سيكون عليه الرد الإيراني على عاصفة الحزم هذه.