في اثناء فورة القومية العربية التي اعقبت انقلاب الضباط الاحرار في مصر على حكم الملك فاروق في عام 1952 بقيادة البكباشي جمال عبد الناصر، اسقطت ثلاثة انقلابات عسكرية، انظمة الحكم في ليبيا (معمر القذافي) والسودان (جعفر النميري) وفي اليمن (عبدالله السلاّل) بالاضافة طبعاً الى وحدة سوريا ومصر في العام 1958 تحت اسم الجمهورية العربية المتحدة، وكان العراق مرشحاً لينضم الى هذه الوحدة، لكن الخلافات بين ابناء الثورة (شيوعيون وبعثيون) اجهضت الانضمام، ولم تتأخر سوريا للانقضاض على وحدتها مع مصر عن طريق انقلاب عسكري تزعمه عسكريون انفصاليون، ولكن سرعان ما حسم الضباط البعثيون الامر واستولوا على الحكم في سوريا والعراق، وانتهت الانقلابات البعثية المتعددة، باستيلاء حافظ الاسد على الحكم في سوريا، وصدام حسين على الحكم في العراق.
هذه النبذة السريعة لحركة الانقلابات في عدد من الدول العربية، كان لا بدّ منها، لفهم الدور الكبير الذي لعبته مصر جمال عبد الناصر، في تلك الفترة، وخصوصاً في دولة اليمن، التي استغاث يومها عبدالله السلاّل زعيم الانقلاب، على الامام البدر، بمصر، في حين طلب الامام البدر مساعدة المملكة السعودية في حربه لاستعادة حكمه، فدخلت مصر والسعودية في حرب استنزاف مؤلمة انتهت باتفاق ينسحب بموجبه المصريون مقابل استقالة عبدالله السلاّل و«تعيين» عبد الرحمن الارياني مكانه، وهكذا كان، من هنا يمكن فهم انضمام مصر فوراً الى حملة «عاصفة الحزم» لأنها تعتبر ذاتها معنية مثل السعودية ودول الخليج بما يحصل لليمن، فكان ارسالها اسطولاً بحرياً الى مياه الخليج العربي، واشتباكه المحدود مع البحرية الايرانية بالقرب من مضيق باب المندب الاستراتيجي الذي يشكل في حد ذاته سبباً رئيسياً للخلاف السعودي والخليجي مع ايران، لأن هجوم الحوثيين على عدن، كان سيستكمل بوضع اليد على باب المندب، ما يجعل ايران تتحكم بحركة الملاحة وبانتاج النفط الذي يعبر هذا المضيق، وكان سفير المملكة السعودية في واشنطن عادل بن احمد الجبير، واضحاً في هذا الشأن عندما اعتبر ان بلاده تريد خلق توازن في المنطقة من خلال مواجهة التمدّد الايراني عسكرياً، والعمل على بناء مفاعلها النووي، وحتى تصنيع قنبلتها النووية، ما يؤشر الى ان منطقة الخليج العربي مقبلة على تطورات بالغة الخطورة، ستكون مصر، اكبر الدول العربية عدداً واشدّها تسليحاً، شريكاً كاملاً فيها، ولكن هذه المرة بالتحالف مع السعودية التي تطمح ان تكون دولة نووية سنية، في وجه دولة ايران النووية الشيعية، فتدخل نادي الدول النووية، مثل اميركا صاحبة القنبلة البروتستنتية والفرنسية الكاثوليكية، والروسية، الارثوذكسية، والبريطانية الانجيلية، والصينية، البوذية، والباكستانية السنيّة، والهندية السيخية والكورية الشمالية الملحدة..عالم يحكمه السلاح النووي.