لا أستغرب حفلة الجنون التي يعاني منها آية الله خامنئي ونظام ولاية الفقيه بسبب أنّ السعودية نفذت «عاصفة الحزم» في اليمن، إذ أنّ نظام الملالي في إيران يلعب في الملعب العربي منذ مجيئه الى الحكم عام 1979 بعد إسقاط الشاه محمد رضا بهلوي وتسلم مقاليد السلطة في إيران.
حرب دامت 8 سنوات مع العراق في محاولة من آية الله الخميني تصدير الثورة الدينية أي «تشييع» أهل السُنّة في العراق ولكن الرئيس صدّام حسين تصدّى لهذه الثورة وحقق انتصارات كبيرة في منطقة «الفاو» واحتلت قواته مساحات كبيرة من الأراضي الإيرانية أو في المنطقة المتنازع عليها بين الامبراطورية الفارسية وبين دولة العراق أي بين الفرس والعرب.
ولكن التدخل الاميركي من خلال فضيحة «إيران غيت» يوم باعت أميركا ايران كميات هائلة من السلاح محققة من خلال ذلك نوعاً من التوازن بالحرب بعدما كانت الدفة تميل بشكل واضح الى مصلحة العراق.
الغلطة التي ارتكبها صدّام باحتلاله الكويت هي أكبر غلطة يرتكبها زعيم عربي بحق العرب، وقد كلّفت العرب أثماناً باهظة، ليس أقله مجيء 500 ألف عسكري بقيادة أميركية لتحرير الكويت.
وبعد التحرير دام حصار أميركا مدروساً على العراق 13 سنة (منذ 1990 حتى 2003) ما كلف الدولة العراقية المليارات الكثيرة إضافة الى خسائره المالية الضخمة في الحرب مع إيران.
وبدلاً من أن يكون العراق أغنى دولة عربية وأقواها سلاحاً وجيشاً ومالاً واقتصاداً، أضحى من أضعف الدول العربية…
والغزو الاميركي استفادت منه إسرائيل وإيران، خصوصاً لجهة هيمنة النفوذ الإيراني الذي أخذ يتمدد في العالم العربي من خلال العراق من جهة ومن «حزب الله» من جهة ثانية… وهذا ما تعتبره إيران أحد الاستثمارات المهمة في السياسة والنفوذ… وغير مسؤول إيراني يتحدث يومياً عن السيطرة على عواصم عربية، وعن الحدود الممتدة الى شاطئ المتوسط.
كانت السعودية متفرّجة في تلك المرحلة ولعلّها صدّقت أن واشنطن حريصة على العملية الديموقراطية في العراق… وكانت الانتخابات التي فاز فيها أياد علاوي، فاستبدلوه بنوري المالكي الذي لم يحظَ بأكثرية تخوّله ترؤس الحكومة.
وسياسة المملكة في العالم العربي وسواه تقوم على السلام والحوار وحسن الجوار.
تقبّلت المملكة أن يأتي نوري المالكي على مضض الى الحكم، ولكن سرعان ما توترت العلاقات بين البلدين وكان أن سحبت الرياض سفيرها من بغداد اعتراضاً على واقع مرفوض.
في ذلك الحين حاولت المملكة استيعاب بشار الأسد الذي جاء به الملك عبدالله الى لبنان، وأجبر سعد الحريري على التوجّه الى دمشق وهو يعرف جيداً أنّ بشار قتل والده الرئيس الشهيد المرحوم رفيق الحريري.
ولم يحسن بشار أن يقيم توازناً في علاقته مع طهران والرياض، بل ارتكب خطيئة كبرى بالإرتماء كلياً في حضن إيران التي كبرت الأمور في رأسها.
بعد وفاة الملك عبدالله رأى الملك سلمان أنّ تمدّد الحوثيين بالاتفاق مع علي عبدالله صالح تجاوز صنعاء نحو عدن… وأيضاً محاولة اعتقال الرئيس عبد ربه منصور هادي الذي وصل الى الحكم بأكثرية ضخمة تجاوزت رقماً كبيراً، وليس على قياس الأنظمة المتخلفة المشهورة بالـ99.9٪… فكان لا بدّ من وضع حد لهذا المدّ الفارسي عبر الحوثيين وصالح في الخاصرة الجنوبية للمملكة، ولم يكن من حل سوى عملية «عاصفة الحزم».
واليوم يقولون إنّ الاسطول الإيراني تحرّك (… بعد شهر) لذلك أنهت السعودية «عاصفة الحزم»… ويوماً آخر يقولون إنّ تركيا لم تتدخل لأنّ النظام السوري «يملك من القوة والمتانة والصلابة التي ليس لها حدود»، علماً أنّ بشار هو عملياً لا يسيطر سوى على 25٪ من سوريا.
وزاد في الطين بلّة أنّ سعد الحريري يُستقبل في واشنطن استقبال الرؤساء ويعقد الاجتماعات مع كبار المسؤولين… وأيضاً كيف يعقد الوزير نهاد المشنوق لقاءات بارزة في الولايات الأميركية المتحدة، وسوى ذلك من الإنجازات التي تصب في مصلحة 14 آذار.
ومن الطبيعي جداً أنّ جماعة إيران وسوريا في لبنان خصوصاً قد أضاعوا البوصلة، وباتوا مثل تائه في الصحراء… وهم يدركون أنّ سقوط المشروع الإيراني في اليمن هو بداية سقوطه في العراق وسوريا ولبنان، وأخذت البوادر تظهر… خصوصاً أنّ «حزب الله» فقد حتى الآن 3000 قتيل في سوريا من الشباب المغرّر بهم… وهي خسارة كبيرة أفقدت سماحة السيّد حسن نصرالله توازنه، فاتجه الى التصعيد غير المسبوق في خطابه الأخير.