العاصفة تكشف مجدداً هشاشة قطاع الكهرباء
أعطال بالجملة والإنتاج ألف ميغاوات والحاجة 2850
ارتفعت الأمواج البحرية بشكل قياسي خلال اليومين الماضيين من العاصفة، فارتفعت ساعات قطع الكهرباء، بعدما تولت الصواعق فصل الشبكات براً، والأمواج العالية بحراً، توقيف إنتاج الباخرتين التركيتين نتيجة الأضرار لفصلهما عن شبكة التوتر العالي تلافياً لأضرار إضافية.
هذه رحلة عاصفة الشتاء التي أدت إلى تخفيض إنتاج معامل الكهرباء في لبنان حوالي 350 إلى 400 ميغاوات فتدنت الطاقة الإنتاجية إلى ما دون 1000 ميغاوات بينما الحاجة في الشتاء تزداد وتتخطى حوالي 2850 ميغاوات كما هو الوضع الآن.
الأعطال طاولت معظم المعامل من توقيف مجموعات في معملي الجية والذوق وهي اما قيد الصيانة واما قيد التجهيز وفي الحالتين انخفضت القدرة الإنتاجية للمعملين إلى ما دون 350 ميغاوات. كذلك الأمر فإن مجموعات توقفت في معمل الزهراني وأخرى في معمل دير عمار وهما الأكثر إنتاجاً كونهما المعملين الأكبر. أما مجموعات صور وبعلبك فإن تشغيلهما رهن بأسواق النفط العالمية على اعتبار انهما يعملان على المازوت وكلفته مرتفعة قياساً للإنتاج على الفيول أويل.
كثيرة هي المناطق التي تعرضت لزيادة في تقنين الكهرباء بما فيها مناطق العاصمة التي تعرضت لفترات قطع متقطعة طويلة وقصيرة انعكست ضرراً على الأدوات الكهربائية في بيروت والضواحي. وحدها كهرباء المولدات الخاصة التي لم تتأثر بهذه العواصف وكأن العواصف والأضرار تعمل لمصلحتها على الرغم من ان كلفة اشتراكات المولدات هي الأكبر.
وفي المعلومات، فإن إنتاج المعامل حالياً لا يمكن تحديده بشكل دقيق وان جرت عملية ربط البواخر على الشبكة فهي تؤمن 300 ميغاوات، بمعنى آخر ان مجرد انفصال البواخر عن الشبكة أوقع البلاد بنقص ملحوظ في طاقة التغذية بالكهرباء.
النقص سيبقى قائماً، والسؤال هو عن مصير خطط الكهرباء التي وعدت بتأمين التيار 24 ساعة على 24 يومياً مع انطلاقة العام 2015 وبعدما تم صرف مئات ملايين الدولارات على الخطة ومراحلها وما تخللها من خلافات المصالح السياسية التي لا تزال قائمة ومستمرة من دون تقنين بخلاف التيار الكهربائي.
فكما في عاصفة الشتاء، كذلك في حر الصيف حيث تتعطل الشبكات الرئيسية و «تملح» الخطوط من شدة الحر فتكون النتيجة مزيداً من التقنين، بينما البحث جار عن وسائل خفض العجز الذي يتخطى الملياري دولار سنوياً.
العنصر الجديد في الأمر ان الأسعار انخفضت حوالي 30 في المئة خلال العام الماضي وبداية العام الحالي، فهل انعكست هذه الانخفاضات على تقليص عجز الكهرباء؟ فإذا كانت الفاتورة النفطية هي العبء الأكبر على عجز المؤسسة كون التعرفة وُضِعت على سعر برميل نفط بحوالي 25 دولاراً، فهل هناك من يضع سياسة نفطية على مستوى الكهرباء والبلاد، لتقليص الانعكاسات على المواطن الذي يدفع فاتورتين في النقل والمولدات وعلى المؤسسات الاقتصادية لكي تقلص كلفتها؟
من أزمة إلى مأساة
لقد تحولت الكهرباء مع غياب المعالجات الجذرية إلى كارثة وطنية انطلاقاً من جهة عناوين يمكن سرد بعضها:
1 ـ تجاوز نسبة العجز في القطاع الكهربائي 50 في المئة من عجز الموازنة لأول مرة في تاريخ لبنان.
2 ـ استمرار تزايد، وبوتيرة تصاعدية، نسبة الدين العام العائد للقطاع الكهربائي من الدين ا لعام الإجمالي ووصولها إلى 50 في المئة مع عامي 2017 ـ 2018.
3 ـ استمرار عقم مجمل المعالجات على الصعيد التخطيطي، التقني، المالي، الإداري والقانوني
4 ـ في إطار السياسة العامة والتخطيط:
وصول ورقة سياسة قطاع الكهرباء 2010 ـ 2014 إلى حائط مسدود، حيث أن حزيران 2014 انقضى ضمن تساؤلات عما حققته هذه الورقة من نتائج عملانية: العقبات والمعالجات.
في الخلاصة المؤكدة، لا تزال رؤية الوضع المالي لقطاع الكهرباء خارج إطار تقييم الانعكاسات المالية على الوضع الاقتصادي العام. وبرغم ما أحدثته وقدمته تجربة مقدمي الخدمات، إن لم تسقطها لاحقاً مواقع الترهل أو الفساد في الإدارة، فيبقى السؤال حول الكلفة، العائدات والتمويل، والسؤال الأهم حول الأموال المتراكمة في صناديق المتأخرات في ظل إهمال بل تقاعس عن عدم تحويل هذه الفواتير إلى القضاء وعدم ممارسة كهرباء لبنان حداً أدنى من صلاحياتها في هذا الإطار.
أضرار جسيمة على الشبكة
اكدت مؤسسة كهرباء لبنان في بيان أن «العاصفة التي تضرب لبنان حالياً تسببت بأعطال كبيرة عديدة على الشبكة العامة على مستوى التوتر العالي والمتوسط والمنخفض، الأمر الذي حرم العديد من المناطق اللبنانية من التيار الكهربائي بما فيها بعض أحياء العاصمة. وإزاء هذا الوضع استنفرت المؤسسة جهودها وإمكانياتها القصوى لإصلاح هذه الأعطال».
وأوضحت أنه «على مستوى التوتر العالي، تعرضت صباح امس محطة الجمهور الرئيسية لصاعقة مما تسبب بانفصال مجموعات الإنتاج في معامل الزهراني والذوق والجية عن الشبكة، وعلى الفور باشرت الفرق الفنية في المؤسسة بالعمل على إعادة ربطها، حيث تمكنت من إعادة المجموعة الغازية الأولى في الزهراني والمجموعتين الرقم 3 في كل من الذوق والجشية الى الخدمة، وتتواصل الجهود لإعادة ربط باقي المجموعات تدريجياً بالشبكة. يضاف الى ذلك تعرض العديد من خطوط التوتر العالي للصدمات المتكررة بسبب الصواعق، حيث تعالج الفرق الفنية تباعاً الأضرار الناتجة عن ذلك».
ولفتت إلى أنه «بفعل اشتداد الرياح وارتفاع الأمواج لأكثر من ثمانية أمتار، توقفت الباخرتان التركيتان «فاطمة غول» و»أورهان بيه» عن إنتاج الطاقة الكهربائية، حيث فُصلتا عن الشبكة العامة حوالي الساعة السادسة من مساء الثلاثاء الواقع فيه 6/1/2015 لحماية خطوط التوتر العالي والمنشآت، الأمر الذي أدى الى انخفاض القدرة الإنتاجية بحدود 300 ميغاوات وبالتالي انخفاض التغذية بالتيار الكهربائي في مختلف المناطق اللبنانية. مع الإشارة إلى أنه سيتم إعادة ربط الباخرتين بالشبكة فور سماح الأحوال الجوية بذلك، ومن المتوقع أن يتم مساء اليوم (امس) ربط الباخرة «أورهان بيه» الراسية قبالة معمل الجية».
وأوضحت أنه «على مستوى التوتر المتوسط والمنخفض، فالأعطال كبيرة وكثيفة في مختلف المناطق، حيث تتواصل مؤسسة كهرباء لبنان مع شركات مقدمي الخدمات الثلاث لتكثيف الجهود من أجل تصليح هذه الأعطال في أقصى سرعة ممكنة وبالتعاون مع المستخدمين المعنيين في المؤسسة». وأشارت المؤسسة إلى أنها «ستعلم المواطنين بأي مستجدات بشأن أضرار العاصفة والتصليحات في بيانات لاحقة».