IMLebanon

«عاصفة السوخوي» كما هي بعيون إيرانية

بمعزل عن الروايات التي تعدّدت حول دور وحجم ومستقبل الدور الإيراني في سوريا في ظلّ العملية الروسية، يصرّ المسؤولون الإيرانيون أمام زوّارهم على أنهم يؤيدون العملية الروسية في توقيتها وشكلها ومضمونها. فهي تكمل مهمتَهم لأنهم لا يريدون أن يُقرأ دورهم فيها على أنه حرب فارسية – عربية أو شيعية ضدّ السنّة في سوريا. كيف ولماذا؟

على عكس كثير من الروايات المتداوَلة التي تتحدث عن الظروف والأسباب التي قادت الى العملية الروسية في شمال سوريا، لدى زوار العاصمة الإيرانية رواية أخرى حول كلّ ما جرى قبيل بدء «عاصفة السوخوي»، وهي تلقي الضوء على ما يمكن أن تكون عليه العلاقة في وقت لاحق بين طهران وموسكو كما بالنسبة الى علاقاتها مع العواصم العربية والغربية.

يقول زوار طهران نقلاً عن قادة عسكريين ودبلوماسيين إنّ العملية الروسية وإن فاجأت معظم المسؤولين الإيرانيين والشعب الإيراني فمن الغباء القول إنها فاجأت القادة العسكريين المكلفين بالملف السوري. مع الإعتراف مسبَقاً أنه كان للعملية وقع المفاجأة في عواصم ودول أخرى بنسبة أكبر. فلم يكن كثر من دول العالم يصدقون أنّ موسكو ستقوم بما قامت به.

واعتقدوا أنّ الرئيس فلاديمير بوتين يمكن أن يبلع ما جرى في سوريا أو يتجاوزه. فالمسلّحون من مختلف الجهات والدول باتوا على أبواب آخر قواعدهم في المياه الدافئة على المتوسط بعد خسارتهم في ليبيا والساحل الأفريقي ومناطق أخرى في العالم.

ويضيف الزوار: لقد رصد الروس بالكثير من الصبر والدقة التطوّرات في سوريا لحظة بلحظة وكانوا يراقبون ما يقوم به الحلف الدولي والأميركيون الى أن ثبت لديهم فشلهم في مواجهة الارهابيين وتطويق حركتهم تزامناً مع ما واجهه الجيش السوري من صعوبات نتيجة الهجمات التي شنّتها المجموعات الموحَّدة تحت راية الأتراك ودول من الحلف التي أفقدته قواعد جوّية وثكنات ومواقع استراتيجية بالغة الأهمية واقتربت صواريخهم من القواعد الروسية. فجاءت الضربة الروسية تلبية لطلب رئاسي سوري مُلِحّ في توقيت دقيق للغاية لا يمكن لأحد أن يواجهها أو يرفضها.

وخصوصاً عندما أكدت انها ستصبّ في الحرب على الإرهاب الذي بلغ مرحلة متقدمة فتجاوزت مخاطره سوريا ودول الجوار وامتدت الى عمق أوروبا الغربية ودول الإتحاد السوفياتي السابق ما هدّد الأمن القومي الروسي.

وحول ما الذي حال دون دور إيراني مماثل قبل روسيا – يقول زوار طهران – إنّ القيادة الإيرانية لم تخفِ دعمها للنظام منذ اللحظة الأولى ولم تحصِ المليارات التي أنفقتها ولا الأسلحة والصواريخ التي زوّدته بها ولكن لكلّ دولة ظروفها. فطهران تنظر الى الأزمة السورية بعيون مختلفة، ولها نظرتها الخاصة الى أسبابها وأهدافها وتتجنّب أن تعطيها أبعاداً أخرى. فأيّ تدخّل إيراني بمثل التدخّل الروسي سيكون له تفسير آخر.

وأخطر ما فيه إن اعطي طابع الحرب الفارسية – العربية أو الحرب الفارسية على العرب أو الشيعة على السنّة تحديداً. فالتجربة العراقية تختلف عن التجرية السورية كثيراً. فالعراق من جيرانها ولها فيه ما ليس لدى كلّ العرب بعد القضاء على صدام حسين ونظامه، ولم يتنكّر أحدٌ في العالم لحقها في حفظ أمنها القومي انطلاقاً من الأراضي العراقية.

ولا تخفي طهران أمام زوّارها: أنها لم توفّر أية وسيلة لدعم النظام في سوريا وحلفائها من لبنان والعراق الى جانبه منذ اللحظة الأولى. ولم يقصّروا على مساحة سوريا التي تشهد على أكثر من 390 نقطة إشتباك وهو ما لم تشهده أية أزمة في العالم. وإن تحدّثت عن قدرات الجيش السوري النظامي وكأنها كما كانت لن يصدقها أحد.

فالنظام السوري بلغ مرحلة الخطر الشديد وهو ليس بحاجة الى الرجال فلديه الكثير لكنهم يفتقدون الخبرة في العمليات العسكرية النوعية الجارية. وكان من مهام خبرائنا والمدربين أن ينجزوا مهاماً بالغة الدقة والحساسية عدا عن الخطط التي وُضعت لمنع سقوط العاصمة والمدن الكبرى ولا يرون أنّ لها دوراً أعظم مما قامت به.

وعن نظرة طهران الى الشراكة الروسية – الإسرائيلية في هذه الحرب لا يتجاهل الإيرانيون ذلك. لكنّ البراغماتية تطغى في القول لزوارهم إنهم وراء روسيا في ما تقوم به، فالمصلحة الروسية والسورية والإيرانية مضمونة في هذه العملية بكلّ ما فيها وإن أفادت إسرائيل فما الذي يمكن أن تقوم به.

فالولايات المتحدة الأميركية التي كانت بالنسبة الينا بمثابة «الشيطان الأكبر» قامت بأكبر عملية عسكرية في العراق ودمرت نظام صدام حسين وقدمته هدية الى مَن كان بالنسبة اليها قائداً لـ «محور الشر» وكنا نحن المستفيدين والعبرة لمَن اعتبر.