Site icon IMLebanon

«عاصفة السوخوي» «بِنت» «الأخطاء الأميركية»

يعيش الأميركيون انقساماً حاداً تجاه ما تشهده سوريا عقب العملية الروسية التي تحوّلت مدارَ جدل في ما بينهم منذ انطلاقتها، وباتت سبباً بفرز عميق بين الجمهوريين ومعارضيهم الديموقراطيين الذين اعتبروا التفاهم الأميركي – الروسي على تقاسم الأجواء السورية عملية «لا أخلاقية» كما قال السيناتور جون ماكين. وعليه ماذا يقول زوّار العاصمة الأميركية؟

يعزو زوّار العاصمة الأميركية هذا الإنقسام في النظرة الأميركية للأحداث السورية إلى خلفية الدور الذي لعبته واشنطن في قيادة الحلف الدولي على «داعش»، منذ قيامه في 11 ايلول 2014 على أنه وجهٌ من وجوه الخلاف الذي كان قائماً بين الديموقراطيين قادة البيت الأبيض وأكثرية الكونغرس من الجمهوريين حول الملف النووي الإيراني والمفاوضات بين طهران ومجموعة (5 + 1)، وتحديداً حول البرنامج المقترَح لتخفيف العقوبات عن إيران من دون تحديد الأطر التي يمكن أن تستخدم فيها طهران الأموال التي ستُفرج عنها ومنعها من استخدامها في تعزيز نفوذها الخارجي.

وقبل أن يتفاهم الطرفان على الحدّ الأدنى من القواسم المشترَكة التي أنهت الجدل في الكونغرس على الملفّ النووي، انتقلت المواجهة الى الملفّ السوري بعدما ارتفع منسوبُ التوتر وبلغ ما بلغته العمليات العسكرية من عنف، فالتقى الطرفان رغم كلّ الخلافات على بند واحد كرّسه الرئيس باراك أوباما بتعهّده عدمَ التورط البرّي فيها والإكتفاء بالضربات الجوّية وتدريب المعارضة وتسليحها ودعم القوى الإقليمية التي تبنّت هذا النهج من أطراف الحلف الدَولي.

كان كلّ شيء مقبولاً، يقول زوّار واشنطن، وكان الجدلُ قائماً حتّى فوجئ الأميركيون بالضربة الروسية، فارتفع منسوبُ الخطاب السياسي مرة جديدة وتعدّدت الأسئلة حول موقف الإدارة الأميركية وحلفائها من «الخبطة الروسية» التي فاجأت الجميع في توقيتها وشكلها، خصوصاً أنها انطلقت بناءً لطلب سوري وبإذنٍ روسي من الدوما من دون العودة الى الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي.

وتركّزت الأسئلة عن ردّ الفعل الأميركي على ما حصل وطريقة مواجهة الوضع فلم تلقَ المعارضة الأميركية جواباً واضحاً سوى بتحذير واشنطن لموسكو من التورّط الروسي الذي سيُعقّد الأمور.

وسطَ الجدل العميق، برز الإعلانُ عن التفاهم العسكري بين واشنطن وموسكو لتنظيم الأجواء السورية لمنع أيّ حادث محتمَل بين الطرفين في الجوّ ليشعل الحرب مجدَّداً وهو ما أثار الجمهوريين، فاعتبر السيناتور جون ماكين أنّ ما أقدمت عليه واشنطن عمل «غير أخلاقي» لا يمكن القبول به. فقد خرجت أميركا على كلّ التفاهمات السابقة وتخلّت عن الدعم للمعارضة السورية بقرارات رافقت الحملة الروسية وأوقفت أعمال التدريب والتسليح وتخلّت عن حلفائها وتركتهم لقمة سائغة في يد الروس والإيرانيين.

إلّا أنّ الإدارة الأميركية ردّت باعتبار أنّ هذا التفاهم لا يخرج عن نطاقه الجغرافي فوق الأراضي السورية لمنع حصول أيّ كارثة جوّية وأنه لن يكون هناك أيّ تعاون أميركي – روسي خارج هذا الإطار. وأكدت أنها واصلت دعمَ المنظمات بكميات من الأسلحة أنزلتها جواً في مناطق عدة ودعم برامج التسليح التي تقوم بها دول الحلف ولا سيما الخليجية منها بأسلحة كاسرة للتوازنات البرّية.

وشدّدت على أنها لن تتخلّى عن حلفائها ولن تخوض غمارَ أيّ مفاوضات مع روسيا وطهران قبل أن تنسّق معهم، وها هو الإجتماع الرباعي الأوّل الذي جمع موسكو بواشنطن والرياض وأنقرة في موعد جديد لإثبات النوايا الأميركية تجاه الحلفاء والشعب السوري بعد رفض انضمام طهران إليه وهو ما وافق عليه الروس.

وبناءً على ما تقدّم، يقول زوّار العاصمة الأميركية إنه لا بدّ من أن تكتشف أنّ حال الإرباك لدى الإدارة الأميركية لا تُخفى على أحد. فهذه الإدارة أخطأت عندما قبلت بالإتفاق لتقاسم الأجواء السورية مع روسيا بعدما عجزت ومعها حلفاؤها عن تقديم تصوّر واضح عن «سوريا الغد».

ولا ردّت على روسيا يوماً بالبديل المحتَمَل عن الرئيس بشار الأسد وهو ما عُدّ تقصيراً نفذت منه موسكو بطحشتها دفاعاً عن النظام وذهبت بعيداً في دعمه مباشرة وبحلف جمَعها مع النظام العراقي الحليف السابق للولايات المتحدة وطهران.

وينقل زوّار واشنطن عن أحد أبرز مسؤولي الإدارة الأميركية قوله إنّ أوباما «يُمسك المياه بيديه من دون الحفاظ عليها، فيراها تتسرّب من بين أصابعه غير المرصوصة»، وهي حال العلاقة بين أميركا ودول الحلف. وهو أمر يمكن ترجمته بالقول إنّ العملية الروسية باتت بنت الفشل الأميركي بمجرّد أنها تستكمل ما بدأته ومعها دول الحلف لتبني على فشلهم ما يمكن أن تُحقّقه في المستقبل.