وإذا كانت هناك في المنطقة عاصفة هي عاصفة الحزم، ففي لبنان عواصف ولكن من نوعٍ آخر وهي، على سبيل التعداد البسيط، عواصف الإهمال والتمديد وتراكم الإستحقاقات والملفات المؤجَّلة بشكل يطرح أكثر من علامة استفهام حول هذا الأداء الذي يشمل الوضع الداخلي ككل.
أولى العواصف وأكثرها طرحاً للتساؤلات والإستفهامات، هي: كيف تمكَّن مساجين في سجن روميه من العودة إلى التمرُّد بعدما كان وزير الداخلية نهاد المشنوق قد أنهى حالات التمرد السابقة في عملية تاريخية لم ينجح مَن سبقوه في إنجازها؟
ويعتبر المراقبون أن عاصفة التمرد الجديدة هذه تستلزم فتح تحقيق رصين وجدّي بعدما بات الوضع في سجن روميه، محل وجع رأسٍ ليس للمعنيين والمسؤولين فحسب، بل لكلِّ الناس الذين باتوا يعتبرون أنَّ في الأمر فضيحة متمادية.
ومن العواصف اللبنانية التي تتسبَّب أيضاً بوجع الرأس للمسؤولين والسياسيين والمواطنين على حدِّ سواء، قضية الموازنة العامة للعام 2015، فبعد جلسة أولى للموازنة الأسبوع الماضي، يعقد مجلس الوزراء جلسة ثانية له اليوم، والمؤشرات تدلُّ على أنَّ ليس في الأفق ما يشير إلى أنَّ جلسة اليوم ستشهد توافقاً، حيث أنَّ كلَّ المعطيات تشير إلى أنَّ التباين مازال قائماً حول قضيتي الصرف من خارج الموازنة وحول صرف مبلغ ال 11 مليار دولار، وهو المبلغ الذي يطالب البعض بعملية قطع حساب في خصوصه. هاتان القضيتان تسمحان بالإستنتاج أن عملية إقرار الموازنة مسارٌ طويل ولن يكون بالإمكان بتُّه في جلساتٍ معدودة.
وهناك أيضاً مسألة سلسلة الرتب والرواتب التي لا تجعل قضية إقرار الموازنة متاحة على رغم الإتصالات التي قادها وزير المال علي حسن خليل، الذي يعتبر أنَّ أيَّ إقرارٍ يستلزم توافقاً ليأتي إقرار الموازنة مشروع توافق، بدلاً من أن يكون مشروع أزمةٍ، الجميع في غنى عنها.
وهناك عاصفة التعيينات، على رغم أن الوقت ليس داهماً كثيراً، فإنَّ المراقبين بدأوا يتهيَّبون ماذا يمكن أن يحدث بالنسبة إلى ملفَي منصبي قائد الجيش والمدير العام لقوى الأمن الداخلي. الجميع هنا يترقَّب الموقف الذي سيتَّخذه رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون في حال تمّ إقرار التمديد في مجلس الوزراء، فهنا تنقسم الآراء، مؤيدو التمديد يعتبرون أنَّ ليس هناك توافق على الأسماء ليُصار إلى التعيين فيصبح التمديد أبغض الحلال، أما دعاة التعيين فيُعطون مثلاً على إمكانية التعيين من خلال التذكير بالتعيينات التي حصلت بالنسبة إلى لجنة الرقابة على المصارف، لكن الرد يأتي دائماً:
كلُّ تعيين بحاجةٍ إلى توافق، وهذا ما حصل بالنسبة إلى اللجنة المذكورة فيما التوافق غير متوافر بالنسبة إلى التعيينات العسكرية، وهذا ما يجعل إحتمال التمديد أكبر من إحتمال التعيين.
إنَّها العواصف اللبنانية العصية على المعالجة حتى الآن، فماذا بعدها؟
وإلى أين يمكن تؤدي؟
من المبالغة الإعتقاد بأنَّ أحداً يملك الجواب.