Site icon IMLebanon

قصة الأقدمية بين حلاوي وملاك

لم تعرف بعد خلفية الموقف المفاجئ للوزير وائل أبو فاعور والذي حذّر فيه منذ أيام من أن يضع ميشال عون الحكومة في عين العاصفة، كما قال، من خلال اتّخاذ قرارات قد تطيح الحكومة عبر الخروج منها وتحويلها الى حكومة تصريف أعمال ردّا على الاتجاه الثابت نحو تأجيل تسريح قائد الجيش العماد جان قهوجي للمرة الثالثة.

عمليا لم تصل الى المختارة اية أجواء جدّية توحي برغبة الرابية بقلب الطاولة بوجه الجميع، ولم يبلّغ «الجنرال» من يعنيهم الامر بأنه ذاهب نحو هذا الخيار في حال لم يتمّ الالتزام بقاعدة «لا قائد للجيش، لا رئيس أركان ولا حكومة».

وفق المعلومات، فان قرار الانسحاب من الحكومة ليس واردا في حسابات الرابية حتى الان. مع العلم ان هذا الانسحاب يرتبط بمعطييّن أساسيين، أولهما، مدى تجاوب «حزب الله» مع عون في حال قرّر الاخير اطلاق «انتفاضة» من داخل الحكومة ضد التمديد الثالث، وثانيهما، ورقة الميثاقية التي يملكها «الجنرال» نتيجة غياب «القوات» عن الحكومة اصلا، واستقالة «الكتائب» كحزب منها، فيجعل احتمال انسحاب وزيريّ «التيار» جبران باسيل والياس بو صعب من الحكومة فاقدة للشرعية الميثاقية!

بالمقابل، ستحسم في الايام المقبلة مسألة رئاسة الاركان حيث ان التعيين في هذا الموقع أمر حتمي لاستحالة استدعاء اللواء وليد سلمان من الاحتياط لمرة جديدة.

بموجب قرار تأجيل التسريح الثاني لقائد الجيش العام الماضي، مدّد للواء سلمان (مواليد 7 آب) حتى 30 ايلول المقبل 2016، تماما كما مدّد للعماد جان قهوجي، حيث تنتهي سنوات خدمته الفعلية (43 عاما).

ولم يعرف ما إذا كان هذا التعيين سيتمّ ضمن سلّة واحدة مع التمديد الثالث لقائد الجيش وللامين العام للمجلس الاعلى للدفاع اللواء محمد خير الذي ينتهي تأجيل تسريحه في 21 آب.

المفاضلة اليوم لم تحسم بعد بشكل نهائي بين العميد حاتم ملاك والعميد مروان حلاوي على الرغم من التوافق السياسي القائم على اعتماد مبدأ الأقدمية.

في الشكل، ملاك يتقدّم حلاوي في الاقدمية، لكن في الواقع وفي «الحيثيات السياسية»، فان حلاوي هو الضابط الدرزي الأقدم في دورته.

يوم السبت الماضي تقاطر الى المختارة نحو مئتي شخص من الباروك مسقط رأس العميد حلاوي، من الدروز والمسيحيين، والتقوا تيمور جنبلاط بحضور الوزير وائل ابو فاعور.

تحدّث باسم الوفد احد الضباط المتقاعدين الذي أوضح صورة الالتباس الحاصل بشأن الأقدمية بين العميدين ملاك وحلاوي، فالاخير كان الاول (بين الضباط الدروز) في دورة 1980. ووفق التراتبية كان الفارق بينه وبين العميد ملاك 115 ضابطا.

مشكلة حلاوي الاساسية أنه خلال فترة التمديد للرئيس أميل لحود ذهب في دورة عسكرية الى سوريا خلافا لرأي قائد الجيش آنذاك ميشال سليمان، اذ ان الاخير كان قد انتدب الضابط ناصر تقي الدين الى هذه الدورة. غير أن إصرار لحود قاد الى إضافة اسم حلاوي الى لائحة الضباط المشاركين بعد طلبه ذلك مباشرة من القيادة السورية.

وقد أدى هذا الامر الى زيادة منسوب الخلاف بين لحود وسليمان الذي وبعد عودة حلاوي من الدورة انتظره على الكوع الى أن جاء موعد الترقيات عام 2007، فحَرمَه منها.

قدّم حلاوي استقالته في عهد حكومة فؤاد السنيورة، فلم تقبل، ما اضطره للعودة عنها بعد نحو ثمانية اشهر. تأخرت ترقية حلاوي عمليا من 1ـ1ـ 2007 الى 1ـ1ـ 2010 فبقي برتبة عقيد لنحو تسع سنوات كاسرا الرقم القياسي لبقاء ضابط في هذا الموقع طوال هذه الفترة.

وبالتالي، وفق قاصدي المختارة، عوقب حلاوي، وهو الاول في دورته، لاسباب سياسية سابقا، ولا يجوز أن يعاقب مرة أخرى اليوم باعتماد مبدأ الاقدمية من دون النظر الى خفايا المسألة، خصوصا ان حلاوي، وفق مصادر أعضاء وفد الباروك، تابع دورات في اميركا وفرنسا والمانيا ومصر ويتّقن ثلاث لغات ولديه سجل عسكري يعرفه جيدا اهل الشأن.

وقد بقي لحلاوي الذي يشغل موقع قائد منطقة الشمال منذ اربع سنوات نحو أربعة اشهر في السلك العسكري وسيكسب عاما إضافيا تلقائيا في حال عيّن رئيسا للاركان، فيما يبقى لملاك الذي يتولى حاليا رئاسة لجنة الاضرار في الجيش سنة وبضعة اشهر، وهو الاصغر في دورته.

في السياسة، يعتبر حلاوي الاقرب الى «الاشتراكي» ووليد جنبلاط من ملاك، وهو أنهى دورة الاركان منذ 12 سنة، أما ملاك فقد انهى دورته منذ نحو سنة.

وفيما تمّ التوافق على الركون الى مبدأ الاقدمية مع طرح استحقاق رئاسة الاركان، إلا أن السوابق تظهر أنه لم يؤخذ بهذا المبدأ في كل تعيينات رئاسة الاركان سابقا ولا الالوية العسكرية في الجيش ولا حتى في منصب قيادة الشرطة القضائية في قوى الامن الداخلي.