كما درجت العادة استقرت بورصة الجلسات الرئاسية في جلسة ال43 على حضور 31 نائبا واقل من ثلثهم من الاعلاميين، بعد انفضاض عقد الثلاثية الحوارية التي قامت على شرفها، ولتؤجل بدورها الى السابع من ايلول، تاركة الساحة لشبه مبادرات تملأ الوقت المستقطع بين اجازة من هنا وموقف من هناك، مع انتهاء مفعول جرع التفاؤل، وربط الكثيرين في العلن او في الغرف المغلقة ملف الرئاسة بالتطورات بين المملكة العربية السعودية وايران، على وقع «اورغن ستالين» الحلبي كرهان جديد في سياق المراهنات على فك اسر رئاسة اصبحت معلقة على نتائج معارك اقليمية تنسحب تداعياتها اوراقا في صندوقة عين التينة ترجح كفة هذا المرشح او ذاك تبعاً لموازين الربح والخسارة.
نتيجة قطعت الطريق امام كل التوقعات التي كانت تحدثت من جهة عن انتخاب «الرئيس عون» في آب الجاري، وروّجت لها في شكل خاص أوساط الثامن من آذار والتيار الوطني الحر، ومن جهة ثانية عن ضرورة انتخاب رئيس قبل ايلول المقبل، موعد الاستحقاق الرئاسي الاميركي الذي قد يقذف الرئاسة في لبنان الى ربيع العام 2017، ليبقى الإنطباع السائد «سيئاً» حيث تغيب الإستراتيجيات والخطط، ويضيق هامش الحلول وصولاً الى الـ «لا حلّ»، بعدما أصبح مصير البلد يربط بكل معركة في سوريا أو كل مفاوضات حول منطقة في شرق الأوسط.
مصادر التيار الازرق نفت قصة التصويت على امكانية تبني ترشيح العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية، خصوصا بعدما فُهم كلام النائب السابق غطاس خوري وكأنه تمهيد لتخلي المستقبل عن ترشيح النائب سليمان فرنجية الى رئاسة الجمهورية، ليتبين ان ما قاله خوري شيء وما حصل من نقاش داخل كتلة المستقبل النيابية، شيء آخر، مشيرة الى انه عشية جلسات الثلاثية الحوارية انعقد في بيت الوسط اجتماع مطول لاكثر من اربع ساعات لكتلة المستقبل في حضور الرئيس سعد الحريري، لبحث مختلف الملفات التي قد تطرح على الطاولة، ولتزويد الوفد الى طاولة الحوار «في رأي واضح إذا ما طرح اذا ما طرح ايا منها»، ومن بينها ملف رئاسة الجمهورية والخيارات الممكنة للخروج من المراوحة التي يدور في حلقتها المفرغة «من أجل النقاش لا التبنّي»، حيث ادلى كل نائب بدلوه، تبين بخلاصتها ان الاغلبية الساحقة لا تميل الى تبني ترشيح العماد عون، باستثناء ثلاث، من بينهم وزير الداخلية نهاد المشنوق الذي دافع بشدة عن موقفه دعمه فيه نائبان.
وعما إذا كان البحث قد تناول رئاسة الحكومة العتيدة، نفت المصادر نفسها الأمر، معتبرة انه من المبكر فتح النقاش حول هذا الموضوع مستدركة انه إن لم يكن الحريري رئيساً للحكومة فهو الذي يسميه، فالموضوع محسوم على غرار ما حصل في مرحلة تأليف الحكومة الحالية.
وفيما يظل الخلاف والانقسام الابرز حول الحل البديل، بين قائل بالذهاب الى إنتخابات نيابية على أساس قانون جديد، ومن يتجه نحو طرح اسم مرشح خامس لرئاسة الجمهورية، وهو ما شدّد عليه رئيس مجلس النواب نبيه برّي بقوله لزوّاره «لا بدّ من التوافق، ولا بدّ من أن يرضى الجميع، وفي نهاية المطاف لا بدّ من الذهاب إلى الرئيس التوافقي»، كشفت اوساط سياسية مطلعة عن طبخة كان يجري اعدادها في الكواليس منذ فترة ليست بالقصيرة، يوم جزم وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق ان انتخاب رئيس الجمهورية سيتم قبل نهاية العام الجاري، الامر الذي عززه كلام رئيس مجلس النواب نبيه بري في جلسة الحوار.
في الداخل ليس هناك ما يشير الى امكانية التغيير وضرب المواعيد ليس مبنيا على اي معطيات، فكل الأطراف السياسية قالت كلمتها في ثلاثية الحوار في عين التينة، وتركت تدبير الأمور إلى أيلول. فأين يصرف التفاؤل بانتخاب الرئيس قبل انقضاء العام الحالي؟ وهل من معطيات تدعو الرئيس بري ومعه الحريري إلى التفاؤل في مقابل تأكيد جنبلاط أن لا شيء جديداً يتعلق بالاستحقاق الرئاسي وتحديداً قبل الربيع المقبل؟ وإذا كان بند الرئاسة مرتبطا بطاولة الحوار، فهل يجب انتظار مطلع أيلول المقبل، موعد انعقاد الطاولة مجددا في عين التينة؟ وهل يصدق «المستقبل» في خيار المرشح الخامس، ويلاقيه الآخرون وسط طريق الحل الصعب؟ أم أن أصوات معارك حلب الطاحنة ستطغى على أصوات الجميع؟
في انتظار الأجوبة، تسود حال من فوضى الملفات، خصوصا في ظل تعثرها ولو بنسب متفاوتة.