إذاً، أزفت ساعة ولادة الحكومة وَسَتُدَق البشائر والمزامير في البلاد على حد قصيدة يوسف السودا الشهيرة في «بطل لبنان» يوسف بك كرم. التي يقول مطلعها «دقوا البشائر في البلاد اليوم يومك يا كرم».
وقد علّمتنا تجربة الأشهر الماضية ألاّ نفرح حتى يصبح فول الحكومة في مكيول المراسيم. ذلك أننّا لم نعد نملك القدرة على تحمل المزيد من الخيبات والإحباطات والنكث بالوعود، والتراجع عن الالتزامات والعهود.
ونود، هذه المرّة، ألاّ نطرح السؤال الذي يطرح ذاته فعلاً قبل أن يرد على ألسنة وبأقلام الصحافيين والإعلاميين جميعاً، وهو: لماذا ومن المسؤول؟ لم يحدث ذلك منذ شهر وشهرين وثلاثة… فقط نود أن نأمل في أن يكون مسلسل الإيجابيات الذي عايّناه أمس حقيقياً وليس فصلاً آخر من التلاعب بمصير البلاد والعباد.
في أي حال ستولد هذه الحكومة. ان لم يكن اليوم فبعد بضعة أسابيع، وإلاّ ففي بضعة أشهر أخرى. وكأن لبنان يتحمل المزيد من الكربجة والخيبات وفقدان الأمل وسقوط الرهانات.
الجميع يعرف أنه لم يعد للبنان مثل هذه القدرة. فلقد استوينا فعلاً واستوى معنا الوطن الذي بات التراجع والتردي من صفاته، وبات على حافة انهيار إذا حصل لا سمح الله، سيقلب المفاهيم ويفتح الباب أمام خيارات (كبيرة أو صغيرة) قد يُقدم عليها غير طرف من أطراف الأزمة.
وفي المعلومات أن حزب الله لجم بعض الرؤوس الحامية كما كثّف الاتصالات مع «اللقاء التشاوري» وهو الإطار الذي يجمع النواب الستة السنيين بعدما تمّ جمعهم من غير طرف وحزب وجهة وكتلة وتكتل ومن ثم تأطيرهم في اللقاء المذكور… وعليه لم نعد نسمع تهديدات تصدر عن بعض نواب هذا التكتل خصوصاً المستجد منها، على سبيل المثل لا الحصر: لم نعد نقبل بأن نتمثل بأحد من خارجنا إنما بواحد منا نحن الستة. بينما الاتجاه الى حكومة من خارجهم.
ومنها أيضاً: لم نعد نقبل بوزارة دولة انما نريد حقيبة نحن نختارها ونقرر بشأنها ولا أن تُفرض علينا وزارة الدولة. والاتجاه الى توزير أحد الأسماء الثلاثة التي قدموا لائحة بها قبل أن تنفجر قضية الرجل النزيه جواد عدره ويصبح خارج ورقة التسمية التي أعدها هذا «التشاوري». ومنها أخيراً وليس آخراً: نرفض أن يكون الوزير من حصة أي طرف بما في ذلك حصة الرئيس ميشال عون. والاتجاه الى أن وزير «التشاوري» سيكون من حصة الرئيس ميشال عون ولو تحت صيغة مرنة. وحسناً فعل حزب الله الذي يقف وراء هذا التطور الإيجابي الذي من شأنه أن يسيّل الالتزام بأسبوع «الحسم» في مصرف التأليف، فتكون الأزمة قد طوت آخر صفحاتها ورحلت… وعلى أمل ألاّ تفرخ أزمة كبرى أخرى ذات صلة بالبيان الوزراي الذي يقال إن ثمة توافقاً مبدئياً على أن يمر بسهولة بحيث يُؤخذ بما يتفق الأقوام عليه ويُنحى ما عليه اختلاف.