تتنامى حدة التوتر بين الولايات المتحدة الاميركية وحليفتها بريطانيا وبين ايران، ما يزيد من احتمالات الاشتباك العسكري في اي وقت نتيجة خطأ في الحسابات التكتيكية.
سياسة «العين بالعين والسن بالسن»، و«ناقلة مقابل ناقلة»، التي يعتمدها الحرس الثوري الايراني، قد تدوم طويلاً، لأنّ التجارب تدلّ الى انّ طهران تُظهر ثباتاً استراتيجياً ومرونة تكتيكية، وانها تفضّل المراوغة والخطوات الانتقامية المدروسة وتعتمد الصبر لتفادي حرب واسعة مع الاميركيين، حتى جلاء مصير ترامب في الانتخابات الرئاسية السنة المقبلة.
في هذا الوقت، يعبر الرئيس الاميركي دونالد ترامب مضيق انتخاباته على وقع المناوشات المتزايدة في مضيق هرمز.
وما دامت العمليات الامنية الايرانية لا تغيّر في توجهات الرأي العام الاميركي غير المتحمّس لخوض القوات الاميركية حرباً جديدة في الشرق الاوسط، فإنّ ضرب ناقلة او احتجاز أخرى، وإسقاط طائرة مسيّرة هنا وهناك، لن تشعل حرباً عسكرية لا يريدها أحد، لا ايران ولا دول الخليج ولا أميركا.
غير أنّ اللعب على حافة الهاوية وتَسارع الحوادث والصدامات في منطقة الخليج الاستراتيجية يرسمان دوائر خطر كبيرة، والسؤال هو الى متى يمكن تجنّب وقوع إصابات في الارواح قد يؤدي الى رد عسكري وفقدان زمام الامور.
طبعاً، ليست هذه مثل «حرب الناقلات» الدموية للنزاع الإيراني – العراقي في الثمانينات، حيث هاجم الرئيس الراحل صدام حسين 280 ناقلة نفط إيرانية في مياه الخليج فيما هاجمت طهران 170 ناقلة عراقية (حسب لوفيغارو الفرنسية)، غير أنّ المواجهة اليوم أكبر وأخطر.
فإيران أصبحت أقوى، ولها امتدادات عسكرية وميليشيوية مدرّبة ومسلحة تسليحاً جيداً ومنتشرة في اليمن والعراق وسوريا ولبنان وفلسطين، ولكنها محاصرة اقتصادياً ومالياً ما يُضعف قدراتها الى حد بعيد، في مواجهة دولة عظمى تملك قدرات عسكرية واقتصادية هائلة.
وللمقارنة، فإنّ إيران تنفق على جيشها نحو 16 مليار دولار، فيما ينفق الأميركيون 600 مليار دولار على جيوشهم.
إلّا انّ هذا الواقع لا يمنع إمكان تطور الحرب الاميركية، الاقتصادية والمالية والتكنولوجية، على ايران، والكر والفر في مضيق هرمز، والحرب المخابراتية بين الطرفين، الى مواجهة عسكرية من الممكن ان يُورَّط لبنان في جزء منها اذا نفّذ «حزب الله» تهديداته المعلنة بأنه لن يقف متفرجاً اذا تعرضت ايران للحرب.
وها هي التهديدات الاسرائيلية الجديدة أمس تزيد منسوب التصعيد والتوتر من خلال اعتبارها انّ «المعابر على حدود سوريا ولبنان تستخدم لنقل الأسلحة الإيرانية»، وانّ «مرفأ بيروت يستخدم كمحور نقل بحري للأسلحة من إيران الى «حزب الله» وتعريض سكان لبنان للخطر»، وانّ «مطار بيروت الدولي يستخدم كمسار جوي والى جانبه منشآت لتحويل صواريخ الى دقيقة»، وكأنها تقول انّ المطار والمرفأ هما ضمن بنك الاهداف العسكرية الاسرائيلية.
وفي المقابل، ما نراه حتى الآن، أنّ الدولة عالقة في مضيق قبرشمون، في عناد لا حساب للوقت فيه، ولا تَهيّب لحجم تعطيل الدولة، ولا مصلحة لوطن فوق مصلحة الشخص.
ما زلنا ننتظر إنقاذ البلد بإخراجه من الزواريب والمضائق، لكنّ الاستحقاقات والمخاطر لا تنتظر. كأننا في سباق ماراتون للسلاحف.