Site icon IMLebanon

أغرب فضائح «الممانعة» في 2014

 

ليس متوقعاً أن يسجل ما تبقى من العام 2014 فضيحة أكبر ولا أغرب من الفضيحة التي كشف عنها رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي بنفسه. العبادي كشف مطلع الشهر الجاري عن حقيقة مذهلة تتمثل بوجود خمسين ألف جندي عراقي وهمي!.

ولأن الجيوش معروفة بدقة تنظيمها، وضبطها لعديدها وأوضاعهم، ولهرميتهم وسلاحهم، بحيث يصعب وجود أفراد وهميين، ولو بعدد أصابع اليد، فكيف والحال أن العبادي يتحدث عن خمسين ألفاً، أي عن جيش كامل تقريباً موجود على السجلات ويقبض رواتب، ولا وجود له على الأرض؟!

الخبر يكاد يكون ضرباً من الخيال، لكنه حقيقة تكشف حجم الفساد في المؤسسة العسكرية وفي الدولة العراقية برمتها، ولعل في هذا الإعلان- الذي جاء من داخل منظومة الحكم العراقية- أوضح تعليل لانهيار الجيش العراقي بشكل مذهل في حزيران الماضي.

وبالنظر إلى هذه الفضيحة، فإن التحليل البسيط يعني أن البقية الباقية في الجيش العراقي تعاني الفساد أيضاً، وكذا حال القيادة العسكرية، وأن حجم الاختراق الميليشيوي عميق لدرجة مذهلة، وأن جهات عليا في الدولة العراقية تغطي هذا الواقع أيضاً…

انطلاقاً من ذلك، يمكن فهم الكارثة التي تسبب بها رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي، الذي كان يقود المؤسسة العسكرية، التي شكلت الغطاء لـ»فرق الموت»، وأبغض الممارسات الطائفية، التي أنتجت «داعش» وأخواتها.

ومع أن هذه الفضيحة كبيرة لدرجة أن آثارها لم تبقَ محصورة بالعراق (بالنظر إلى أنها أسهمت بشدة في ظهور دولة «داعش«)، إلا أن لمقاربة هذا الموضوع شقاً لبنانياً عجيباً، فقد كان نوري المالكي ضيفاً في بلادنا، سائحاً في معلم مليتا السياحي، بحضور النائب محمد رعد، وزائراً لبعض القيادات اللبنانية، ومن بينها الأمين العام لـ«حزب الله»، الذي قدّر له «شجاعته ومواقفه ضد أميركا والسعودية…» وطالبه بـ«الاستمرار في التصدي للعملية السياسية واحتواء الآخرين والعمل على تعزيز دولة القانون«!.

قد يبدو وجه الغرابة في موضوع الإشادة بشخص تسببت طائفيته بتدمير العراق، لكن ما هو أغرب، الإشادة بـ«شجاعة» المالكي في «الوقوف بوجه أميركا»، والتعاطي معه على أنه زعيم من زعماء المقاومة، في حين تشهد تصريحات المالكي نفسه، وسياسته عن ود عميق تجاه «أصدقائنا الأميركيين»، كما خاطب المالكي غير مرة إدارة الرئيس أوباما ومبعوثيه.

وبعيداً عن استعراض التعاون الأميركي مع جماعة الدعوة – التي ينتمي إليها المالكي- وصولاً إلى تمكينها من مفاصل العراق، فإن الاجتماع الأخير مع وزير الخارجية الأميركي جون كيري، في شهر تموز الماضي أي قبل سقوط المالكي بأيام-، والذي نشرت صحيفة «الحياة« محضره، يكشف بوضوح طبيعة علاقة المالكي بأميركا، إذ بينما كان كيري يحمّل مسؤولية تنامي الإرهاب إلى سياسة المالكي، حض الأخير أميركا على شن غارات على بلاده، بقوله: «نعتقد أن ضربات جوية ضد مواقع تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) ستكون مفيدة جداً، وستحد من تقدمه نحو العاصمة، أو تمركز عناصره في المدن التي دخلوها، وتمنعهم من التقدم نحو بغداد وكربلاء والنجف. نحن نثق بأصدقائنا وحلفائنا الأميركيين ونشكركم لهذه الزيارة والمناقشات الصريحة والمفيدة، من دواعي سرورنا أن يزور العراق معاليكم لتطّلعوا في شكل مباشر على خطر الإرهاب«.

أليس من أعاجيب هذا الزمان، أن يصبح «عميل« أميركا مقاوماً، وأن يصبح الطائفي والقاتل بطلاً.