Site icon IMLebanon

الشارع «نائم».. حتى 6 آب!

بين جلسة مجلس الوزراء الصدامية في 9 تموز وجلسة يوم أمس الاستيعابية، اختلف مشهد الشارع اختلافا كبيرا. تمايزات في الشكل لا في المضمون ما دامت القوى السياسية لم تغادر ساحة التشبّث بمواقفها، ما أبقى فتيل الانفجار المحتمل «شغّالا»، فارضا على الجميع الإبقاء على سلاحه.

لكن في الشكل بدا الشارع، الغارق في أكوام النفايات، هادئا. غابت المواكب البرتقالية عن الطرق، وغرق «سنتر ميرنا شالوحي»، مقرّ الامانة العامة لـ «التيار الوطني الحر»، في صمت المنتظر لأوامر لم تأت. لا تجمّعات حزبية. لا نداءات عبر مواقع التواصل الاجتماعي ولا استدعاءات عبر «الواتساب».

في المناطق، كما في بيروت، كان المنسّقون في حالة جهوزية غير مرئية لمواكبة أي طارئ. وهي جهوزية سيضطّر العونيون الى توزيعها في الايام والاسابيع المقبلة باتجاهين: داخلي متعلّق بانتخابات رئاسة «التيار» التي باتت تطغى على أحاديث الناشطين والقياديين واهتماماتهم، وسياسي مرتبط بالتطوّرات في ملف الحكومة والتعيينات وسلّة المطالب التي يطرحها رئيس «تكتل التغيير والإصلاح» ميشال عون.

عشية جلسة السرايا، لوّحت القيادات العونية بكل الاحتمالات، بما فيها خيار النزول الى الشارع مجددا، لكن الساعات التي سبقت التئام الفريق الوزاري برئاسة تمام سلام كانت تؤشّر الى ان مسار الأحداث لن يكون طبق أصل عن مجريات الجلسة الماضية الصاخبة وما تبعها من إشكالات بين المتظاهرين وعناصر الجيش قرب السرايا، تحديدا لأن فريق عون كان مستعدا للاستماع الى ما سيقال في موضوع النفايات وعرض وجهة نظره ما دام ليس مطلوباً من مجلس الوزراء أي قرار جديد.

وحدها الإجراءات الاحترازية التي اتّخذها الجيش والقوى الامنية في محيط السرايا والتي تركّزت على إقفال المداخل المؤدّية الى القصر الحكومي، ذكّرت بمناخات جلسة 9 تموز الحامية وانفلاشها صوب الشارع.

أوساط عسكرية أكّدت في هذا السياق لـ «السفير» ان التدابير التي تمّ تنفيذها لم تخرج عن إطار التحسّب لكل الاحتمالات، بما في ذلك تكرار سيناريو الجلسة الماضية، خصوصا ان إمكانية اللجوء الى التصعيد المفاجئ والمباغتة من قبل المتظاهرين يدخل ضمن هذه الاحتمالات.

وردّا على تأكيدات من جانب المعنيين بالتحرّك في الشارع بأن لا نية بأي وقت لاقتحام السرايا أو الاعتداء على الأملاك العامة، بل الاقتراب الى أقرب نقطة ممكنة من السرايا لإيصال الصوت، تلفت الاوساط عينها الى «ان إمكانية انفلات الشارع أمر وارد بأي وقت، إما بسبب احتمال وجود عناصر مندسّة مهمّتها إثارة الشغب أو بسبب الحماسة الزائدة التي يمكن ان تدفع المتظاهرين الى الذهاب أبعد من الحدّ المرسوم لهم».

وفيما يرى المعترضون على ورقة الشارع ان لدى ميشال عون فريقه الوزراي المدعوم من حلفائه، والذي من خلاله يستطيع إيصال صوته وحتّى فرض شروطه من داخل المؤسسات، بعيدا عن صخب الشارع الذي قد يزيد من تعقيدات الأزمة السياسية، يبدي العونيون تمسّكاً بهذه الورقة التي إن لم تستخدم بالامس فإن صلاحيتها قائمة حتى إشعار آخر.

وتتكتّم أوساط «التيار الوطني الحر» تماما حول المدى الذي يمكن ان يسلكه خيار اللجوء الى الشارع، خصوصا أنه في الفترة الزمنية الفاصلة عن إحالة رئيس الاركان اللواء وليد سلمان الى التقاعد في 7 آب المقبل، قد يعقد مجلس الوزراء ثلات أو أربع جلسات منطلقها الاساس بتّ مصير الآلية الحكومية ثم الشروع في مناقشة بند التعيينات. وفي حال الوصول الى الحائط المسدود ولجوء وزير الدفاع سمير مقبل الى التوقيع على قرار تأجيل تسريح سلمان، فإن الرابية، وفق مصادرها، لن تتفرّج على «مجزرة» التمديد المستمرة!

ويقول المعنيون بمشهد تحريك الشارع ان المتظاهرين الذين شاركوا في «مواكب» 9 تموز باتجاه السرايا هم عيّنة بسيطة قد تكبر أو تصغر لاحقا بحسب الحاجة ومتطلّبات الامر الواقع «خصوصا اننا خرجنا من كلاسيكية اللعبة في الشارع وقرّرنا استخدام هذه الورقة بما يخدم أهدافنا بشكل غير تقليدي».

وفق المتوافر من المعلومات، يبدو أن لا نية للجوء الى التصعيد في الشارع من جانب العونيين إلا في حال شقّ التمديد الثاني طريقه، أكان مزدوجا بتوقيع مقبل قرار تأجيل تسريح قائد الجيش ورئيس الاركان دفعة واحدة، أو بالاكتفاء بقرار يشمل اللواء سلمان فقط، ومن ثم الامين العام للمجلس الاعلى للدفاع اللواء محمد خير.

وبالتالي فإن التوافق على الآلية الحكومية لا يسحب فتيل التصادم نهائيا، حيث ان الآلية نفسها قد تستخدم بالمنطق التوافقي الذي يفرضه ميشال عون ضد مطلب التعيينات الذي يجاهر به «الجنرال».

وعمليا، فإن «الصفحة الجديدة» التي تحدّث عنها وزير الخارجية جبران باسيل، أمس، ستخضع لأول اختباراتها في الجلسة المقبلة في 28 تموز أو التي ستليها في 30 تموز.. وصولاً إلى جلسة 6 آب التي ستشكّل آخر الفرص لإقرار أولى التعيينات العسكرية أو لتثبيت مسار التمديد لكبار الضباط والقادة.. وبعدها قد تكون الكلمة للشارع أو عصيان قد يتّخذ أشكالا عدّة!