تتوالى الأزمات، والتي باتت تعقّد أكثر فأكثر ولادة الحكومة، وهذا ما أفصح عنه مرجع سياسي في لقاء اغترابي، حيث أشار إلى تطورات مخيفة ومقلقة في هذه المرحلة، وحيث ستصل الأوضاع وفق معلوماته وتوقّعاته، إلى مرحلة الفوضى، ولم يشأ أن يستعمل كلمة المجاعة، وقال: «سنفقد سلعاً أساسية، وسندخل في المجهول، ولا نتوقع أن يكون هناك انتخابات رئاسية في وقتها، إلا في حال حصلت تسوية ألزمت الأطراف اللبنانية بكامل الإستحقاقات»، مستنداً إلى أجواء تؤكد بأن هناك فراغاً رئاسياً، إذا لم يُقدم المجتمع الدولي على معالجة الوضع في لبنان في أسرع وقت ممكن، وتحديداً من خلال المبادرة الفرنسية التي لا زالت قائمة، ولكن تنفيذها في هذه المرحلة دونه صعوبات وعقبات كثيرة داخلية وإقليمية، كما أشار المرجع المذكور.
وفي سياق متصل، تشير مصادر متابعة للأجواء السياسية الراهنة، إلى أن رئيس المجلس النيابي نبيه بري، قلق بدوره مما آلت إليه الأوضاع، وأعرب في مجالسه ، عن خشيته من صعوبة لملمة الوضع في حال لم تتشكل الحكومة في أقرب وقت ممكن، لأنه من خلال المتابعين للوضع الحكومي في الداخل، اللبناني، فهذا لن يؤدي إلى أي حلحلة لأنهم غارقون في تصفية الحسابات السياسية وإدارة المعركة الرئاسية، إلى اعتبارات أخرى تعيق التوصل إلى حلول، وبالتالي تشكيل الحكومة العتيدة.
وتكشف المصادر نفسها، بأن ما جرى مؤخراً من عدوان إسرائيلي في القدس وغزة، قد ترك آثاراً وتداعيات على الساحة المحلية، وبالتالي، انعكس سلباً على تشكيل الحكومة والمسار العام في السياسة والإقتصاد والأمن، في ظل اختلاف وجهات النظر من قبل أطراف لبنانية، وصولاً إلى الأزمات بين لبنان وبعض الدول في المنطقة، وبمعنى آخر،فإن لبنان يُعتبر اليوم منصّة ضمن الصراع المفتوح الحاصل بين القوى الإقليمية على مختلف توجّهاتها. وبناء عليه، فإن تشكيل حكومة، وفي خضم هذه الظروف كما كان منصوصاً عليه وفق المبادرة الفرنسية، قد بات صعب المنال، إذ هناك حديث عن حكومة سياسية ومن قوى أساسية بإمكانها مواجهة تداعيات الحرب المستعرّة على غزة، والتي قد تتحوّل إلى حرب استنزاف، تالياً الإنقسام السياسي الداخلي الحاد، إضافة إلى الإنهيار الإقتصادي والمعيشي، ذلك أن هذه العناوين برمّتها تحتاج إلى مثل هذه الحكومة، وفق المصادر المتابعة، على أن يكون وزراء الخدمات فقط من الأخصائيين.
ومن الطبيعي، وفي هذه الظروف فإن الرئيس المكلّف سعد الحريري سيكون خارج السباق الحكومي، لأنه سيُقدم على الإعتذار في حال لم يؤلّف حكومة جلّها من الأخصائيين، وبالتالي، هذا يعني أن الأزمة مفتوحة، فلا حكومة في المدى المنظور، والأمور في المنطقة ذاهبة إلى التصعيد غير المسبوق، في ضوء معلومات تؤشّر إلى تصعيد في المنطقة، ولبنان لن يكون بمنأى عنه.
وتختم المصادر، مشيرة إلى أنه، وفي خضمّ هذه الصراعات السياسية والإقليمية، فإن القضايا الإجتماعية والمعيشية الآخذة بالإنهيار يوماً بعد يوم، هي الأخرى قد تكون عاملاً إضافياً للفوضى والإهتزازات الأمنية المتنقلة التي سيشهدها البلد، بعدما وصلت الأوضاع مؤخراً إلى حالة الجوع والإفلاس،وبعدما وصل جنون الأسعار إلى مراحل مخيفة، وهذا ما سيؤدي في أي توقيت إلى حالات غضب في الشارع، حيث استُؤنفت اللقاءات المفتوحة لقيادات «الثورة» والمجتمع المدني، ولا سيما بعدما تشكلت نواة تغييرية، وعلى وجه التحديد بعد اللقاء الذي جمعهم بوزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان.