IMLebanon

التهديد بالشارع سلاح ذو حدّين والمزاج المسيحي ليس مهيّئاً

التهديد بالشارع سلاح ذو حدّين والمزاج المسيحي ليس مهيّئاً

أوساط عون: هدف النزول ديمقراطي ولا خوف على الإستقرار

«بتصرّفه وتحريضه الشعب المسيحي للنزول إلى الشارع، يعيدنا العماد عون للمشاهد الشعبوية التي عاشها في قصر بعبدا!»

العماد ميشال عون مصرّ على استخدام الشارع لتحقيق مصالحه الشخصية للوصول إلى رئاسة الجمهورية تحت شعار حقوق المسيحيين المهدورة أو المسلوبة تماماً كما فعل عندما استولى على السلطة خلافاً للدستور بعد انتهاء ولاية الشيخ أمين الجميّل من دون اتفاق اللبنانيين وقياداتهم على انتخاب رئيس جديد للجمهورية، يومها حوّل العماد عون قصر بعبدا إلى ساحة عامة يلتقي فيها مع الجماهير اللبنانية المسيحية والإسلامية التي ساءها الوضع الذي وصلت إليه البلاد نتيجة الخلافات السياسية وبحكم توقهم إلى التغيير الذي حمل لواءه رئيس التيار البرتقالي، ثم تخلى عنه بعد عودته من المنفى الباريسي، وتحوّل إلى ساعٍ وراء الحكم بأي ثمن وكيفما كان، مستخدماً كل الوسائل لتحقيق هدفه وأمنياته التي لم يستطع أن يحققها خلال احتلاله لقصر بعبدا ورفضه التخلي عنه إلا إلى  السفارة الفرنسية في الحازمية ومنها منفياً إلى باريس لمدة قاربت الخمس عشرة سنة حاول خلالها من منفاه أن يخوض معركة إخراج السوريين من لبنان قبل أن يخرجوا منه بقوة القرارات الدولية وأبرزها القرار 1557 وبعد اتفاق الطائف الذي أوقف الحرب الأهلية، وثبّت الدولة اللبنانية التي كانت تتنازعها الأهواء والمشاريع التقسيمية من الفدرالية إلى الكونفدرالية إلى ما يسمّى بالكانتونات، وهي التي استوجبت التقاء القيادات اللبنانية من كل الطوائف في الطائف بغطاء إقليمي – دولي رعته المملكة العربية السعودية وأدى فعلاً إلى وضع حدّ للحرب الأهلية وعودة السلطة الداخلية بانتخاب الياس الهراوي رئيساً للجمهورية.

وكأننا بالعماد عون، وبتصرفه وتحريضه الشعب المسيحي للنزول إلى الشارع للضغط على الحكومة من أجل القبول بتعيين صهره قائداً للجيش يُعيد اللبنانيين إلى تلك  المشاهد الشعبوية التي عاشها قصر بعبدا طيلة مُـدّة احتلاله له خلافاً للقوانين المرعية وللدستور وللميثاق الذي يحكم العلاقات بين الطوائف اللبنانية مع علمه بأن التجارب المرة التي مرّ بها هذا البلد أثبتت بأن الشارع لم يحلّ أي مشكلة سياسية بل يزيد الوضع ضياعاً وبلبلة تطيح بالاستقرار الداخلي وتضع الدولة والنظام في مهبّ الريح، فهل هذا ما يريده رئيس التيار البرتقالي من النزول إلى الشارع، غير متعظ بتجربته الفاشلة التي أوصلت لبنان إلى اتفاق الطائف وأوصلته إلى باريس منفياً من لبنان، خصوصاً وأن المزاج المسيحي هذه الأيام لا يؤشر إلى وجود رغبة للنزول إلى الشارع لزيادة الوضع المتوتر أصلاً توتراً لا يعرف أحد إلى أين يؤدي.

لا نعتقد بأن العماد عون يريد العودة بلبنان واللبنانيين إلى ما قبل اتفاق الطائف أي إلى الحروب الأهلية وإن كان قبل اتخاذه هذا القرار قد ألمح بصراحة إلى أنه لا حلّ للأزمات الداخلية ولأزمة النظام إلا بالعودة إلى  الفيدرالية فهل هذا ما يريده العماد عون؟

أوساط مقربة من رئيس التيار الوطني الحر تنفي بشكل قاطع أن يكون هدف العماد عون من استخدام الشارع هو العودة إلى مشاريع التقسيم والكانتونات وهو الذي قاد معركة الحفاظ على لبنان الواحد ضد المشاريع التقسيمية وخاض معارك طاحنة لمنع التقسيم وهو لا يزال على موقفه الثابت من هذا الأمر وقد عبّر عن حرصه على لبنان الواحد من خلال الرسالة التي وجهها إلى الملوك العرب قبل سنة وطالبهم فيها بالمساعدة على تطبيق كل بنود اتفاق الطائف حتى يستقيم الوضع في لبنان وتحقق الشراكة الفعلية بين كل مكوناته وطوائفه كما عبّر عن تمسكه بهذا الاتفاق لكي يدلل على أنه يقف بحزم في وجه كل المشاريع المطروحة كإعادة النظر في النظام من خلال إنشاء هيئة تأسيسية أو غيرها من المشاريع التي تتعارض مع وحدة لبنان وصيغة العيش المشترك بين أبنائه من ضمن الحفاظ على التعددية التي تميّز لبنان عن باقي دول المنطقة.

وجددت هذه الأوساط التأكيد على أن العماد عون لا يخوض معركة الاستيلاء على السلطة بالوسائل الديمقراطية وإن كان ذلك من حقه الطبيعي، بل يعمل من أجل تثبيت الطائف بتطبيق ما تبقّى من بنوده بدءاً من وضع قانون انتخابي عادل يعطي المسيحيين كل حقوقهم ويجعلهم شركاء حقيقيين في الدولة لا أن يستمر الوضع كما هو عليه الآن ويبقى المسيحيون مسلوبي الحقوق ومهمشين كما هو حالهم في ظل الحكم القائم.

واعتبرت هذه الأوساط أن النزول إلى الشارع، هو حق ديمقراطي حفظه الدستور والقانون إذا كان الهدف منه التعبير عن موقف أو الاعتراض على سلوك السلطة وانحرافها، وهذا ما قصده العماد عون من التهديد باللجوء إلى  الشارع في حال استمرت الحكومة في سياسة التهميش والإهمال والتجاهل كما هو حالها اليوم بالنسبة إلى التعيينات الأمنية التي يطالب العماد عون بحصولها وفق القوانين المرعية، من أجل الحفاظ على حقوق المسيحيين لا أن تتجاهل هذا الحق وتلجأ إلى التمديد غير القانوني وغير الدستوري، ولم يقصد كما فهم البعض استخدام الشارع لإحداث الفوضى أو العودة إلى ما قبل اتفاق الطائف الذي أنهى الحرب الأهلية الداخلية من دون أن يسقط النظام أو يتفكك لبنان الى كانتونات طائفية متناحرة.