حرب الشارع أم دوافع التشريع.
والرئيس نبيه بري في منتصف الحربين، بين الشارع والتشريع.
لا هو يستطيع الانسحاب، ولا يُحب المواجهة، لكنه يخوض معركة التسريع بضراوة، وليس من شأنه الحرب في الشوارع.
لا هو طائفي متصلّب.
ولا من هواة الحرب في الشوارع.
لكنه، في كل حرب له أدوار ومواقع.
هل هذا هو قدره، في بلد التسويات.
أم ان واجبه كرئيس للبرلمان، ان يحارب وان يحارب معه التسوويون.
ليس مرتاحاً في المواجهة مع الرئيس العماد ميشال عون، وهو المدرك لمواقعه ومكانته.
وليس مرتاحاً ان يواجه حليفه حزب الله وليس مرتاحاً في عدم التجاوب مع مساعيه، للتوفيق بين حليفه الشيعي.
ولا يكون مسروراً في معارضته لتسوية تشريعية، بين حليفه الشيعي وحليفه المسيحي الأقوى…
من هنا أهمية وجود فريق ثالث قريب من الرئيس بري، وقريب أيضا من العماد عون، ومن حزب المقاومة وهو يدفع شهداء، باستمراره في الحرب السورية.
ويبقى الرهان على التسوية، شعاراً مرغوباً سياسياً، وليس مطلباً سياسياً للجميع.
وللمرة الأولى منذ نصف قرن، يقف التيار الوطني الحر وحزب الله وحزب الكتائب اللبنانية، في مواقع متجانسة، لا موحّدة للذود عن مصير واحد يجمعهم، ولا لحمة سياسية تمهّد لوحدة في الآراء، وتقارب في التحالفات، إنما هي حاجة مسيحية يتمناها الأفرقاء الثلاثة ما بعد حرب السنتين!.
***
طبعاً، ان ما جمع للمرة الأولى، بين القوى المسيحية ليس مريحاً الى الأفرقاء المتفرقين، إلاّ أنّ ما حمل على المساهمة في انجاح التسوية، هو ان معظم القوى الفاعلة، خاضت الانتخابات السابقة، على لوائح واحدة مع القوى المجزأة افرادياً قبل أكثر من ست سنوات.
وهذا يتيح الفرصة، لدرس مشروع قانون انتخابي جديد، قبل نهاية العام الحالي، ويمهد لحلّ مشكلة منح المرأة الجنسية لأولادها.
وهكذا، لا يكون الرئيس بري والعماد عون قد تراجعا، ولا الدكتور جعجع قد خرج من دائرة مواقفه، ولا حزب الكتائب قد تخلّى عن مبدئية انتخاب الرئيس أولاً!!
هذا هو لبنان.
انه بلد التسوية.
وهو وطن للجميع، لا لطائفة واحدة.
وقد تراءى لمعظم الكتل، ان الطائفة السنية تستطيع ان تعيش في وطن ذي أكثرية من طائفة معيّنة.
ولا الطائفة الشيعية يمكنها الاستمرار في الانفراد، في بلد ذي كثافة من لون واحد.
ولا الطوائف المسيحية، مارونية أو أرثوذكسية أو كاثوليكية تستطيع العيش في مجموعتها.
انه وطن أكثريات، لا أقليات من صنف واحد.
تعلموا أيها السادة، ولا تتفرقوا، لأن لبنان بلد للجميع.
وتعلموا أيضا ان التجربة قاعدة لا استثناء!! –