Site icon IMLebanon

ستريدا جعجع.. فخامة السيّدة

الحديث عن النائب ستريدا جعجع وإنجازاتها يطول، وقد لا يقلّ إنجازها في مهرجانات الأرز الدوليّة عن فعل مقاومتها منذ نيسان العام 1994 وحتى اليوم، على الأقل نحن في لبنان في حال مواجهة دقيقة مع الاحتلال الإيراني الناعم المنفّذ عبر حزب الله ذراعها الأخطبوطي في لبنان والمنطقة!!

كان العام الماضي إنطلاقة، وكلّ انطلاقة تحتمل التشجيع والابتهاج بعودة مهرجانات انقطعت نصف قرن، إلا أنّ المهرجان في نسخته الثانية هذا العام يستحقّ الكثير من التقدير والثناء إلى حدٍّ لم يجد معه «أباطرة» النقد في لبنان إلا الإشارة وبشكل غير مباشر إلى أنّ المتعارف عليه في المهرجانات الدوليّة عدم إلقاء كلمة افتتاح لها، وطبعاً هذا كلام ينطبق عليها مثلٌ مصري شعبي يقول «ما لقوش في الورد عيب قالولو يا احمر الخدّين»!!

هنا؛ لا بدّ أن نقول للذين عجزوا عن إيجاد عيبٍ واحد «يتلقّطوا» فيه، «ما تواخذونا» كلمة ستريدا جعجع في افتتاح المهرجان تعادل وتختصر الموقف اللبناني في مواجهة «التوابيت» التي تعود بالعشرات من حلب وأماكن أخرى من سوريا «المحتلّة» من ميليشيات بشار الأسد وإيران وشيعتها من العُرْبِ والعجم!! وهنا أيضاً، علينا أن نقول لمن يضحكون على أنفسهم وعلى اللبنانييّن بترف «الحوار للحوار» ويمتهنون تضييع الوقت اللبناني «ما تواخذونا» أنتم جماعة يتغيّر «نقدكم» بحسب الرياح في التقارب والتباعد السياسي، ومثلكم «لا يُعوّل» [الإسم لواحدة من رسائل ابن عربي الشهيرة] عليه!!

للأمانة، يتوجّب علينا أن نقول ستريدا جعجع تنحتُ في الصخر، صخر لبنان، وهذه السيدة تتقن هذا الفنّ، سبقت وحفرت صخر الاحتلال السوري ونظاميْن أمنيّيْن بإبرة الصلابة والعنفوان، عندما تتحدّث ستريدا جعجع من جوار غابة الأرز الدهّرية وتُعيد صياغة اللحظة بالحديث عن «العنفوان» ـ عنفواننا ـ تبعثُ الكثير من الإصرار والعزيمة في نفوسنا المحبطة والمستمرّة من اللحظة اللبنانيّة!!

مجرّد وقوف ستريدا جعجع هناك بإطلالة ملكيّة سياديّة لبنانيّة تُعيد تذكيرنا بأنّ ما مرّ علينا وعلى لبنان أقسى بكثير مما نعيشه اليوم، وأنّ اللحظة اللبنانيّة عليها أن تضع في حدقة العين الكثير ممّا مرّ على لبنان من محن لم يستسلم لها، على الأقل في تاريخنا القريب الحرب اللبنانيّة المدمّرة وشقيقتها حرب الوصاية التي عصفت بنا والتي دفعت ثمنها ستريدا جعجع غالياً بعد تعليق تطبيق اتفاق الطائف، والتي خرجنا منها إلى احتلال أسوأ منذ 8 آذار العام 2005، كلّ هذه تزيد من إصرارنا على عدم الاستسلام لكلّ ما تحاول إيران وحزبها فرضه علينا، مهما طال الوقت، برغم أنف إيران سيكون للبنان رئيس، وبرغم أنف الموات السياسي والاقتصادي دورة الحياة لا بُدّ أن تنتظم من جديد…

المثال الحيّ على المقاومة اللبنانيّة مثالها الفريد هي ستريدا جعجع، وكلّ يوم يمرّ نفهم لماذا اختارها الدكتور سمير جعجع ليأتمنها على القوات اللبنانية ولتخوض معركته بعد اقتياده إلى السجن في الزمن الصعب، دائماً صدّقتُ أن الفنّ مقاومة شرسة لكل احتلال، والإنماء فعل مقاومة، والسياحة فعل مقاومة في بلد كلبنان، وتحريك دورة الاقتصاد فعل مقاوم في بلد كلبنان، ومهرجانات الأرز الدوليّة صخرة مقاومة نرشق به أهل الموت والقتل…