IMLebanon

مماحكات الآلية  وحسابات الرئاسة

لا نقاش في كون التكيف مع الشغور الرئاسي الذي طال أمراً خطيراً على الجمهورية والجمهور. والأخطر هو أن تكون هناك، ضمن الرهان على تحولات دراماتيكية في المنطقة خطة لتوظيف التكيف المفروض بقوة الأمر الواقع في تكريس التسليم بأن الجمهورية ليست في حاجة الى رئيس لتعمل كمقدمة للتسليم بأن البلد ليس في حاجة الى جمهورية ليبقى. وآخر ما يقلل المخاطر هو التشاطر في استخدام سلاح اسمه آلية اتخاذ القرار في مجلس الوزراء، بدل تركيز الجهود على انتخاب رئيس للجمهورية.

ذلك ان الأولوية في خطاب الجميع هي لانتخاب رئيس. لكن الانتخاب عملياً ليس على جدول الأعمال. ولا فرق سواء كانت العقدة داخلية أو خارجية أو مشتركة. فلو كان صحيحاً أن الأولوية للانتخاب لما وصلنا الى كل هذا الدوران حول الآلية، مع أكبر قدر من التناقض في تفسير الدستور. ولو كنا نحتكم الى الدستور لانتخبنا رئيساً في المهلة الدستورية بين ٢٥ آذار و٢٥ أيار ٢٠١٤. فالآلية التي جرى التوافق عليها قبل بدء العمل في مجلس الوزراء وأعطت كل وزير، ضمن مبدأ الاجماع، صلاحيات تتجاوز صلاحيات رئيس الجمهورية كانت مخالفة للدستور وخصوصاً للمادتين ٥٩ و٦٥. اذ يستطيع مجلس الوزراء الاصرار على القرار الذي رده الرئيس، في حين ان فيتو الوزير حالياً لا دواء له. وتعديل الآلية بما ينسجم مع الدستور يوصف من جانب المعترضين عليه بأنه مخالف للدستور.

والواقع ان آلة الحكم معطلة. أولاً بالتخلف عن انتخاب رئيس في الموعد الدستوري. وثانياً بالتعطيل المتبادل الذي يمارسه الوزراء في نطاق الآلية. والسؤال، ما دمنا في المأزق، هو: ما العلاقة عملياً بين الشغور الرئاسي ومستوى العمل في مجلس الوزراء الذي يمارس صلاحيات الرئيس وكالة؟ هل تساهم صعوبة العمل في تسريع انتخاب رئيس؟ هل يؤخر الممكن من العمل لتسيير شؤون الناس انتخاب رئيس؟

الجواب الواقعي هو: كلا. فلو استقالت الحكومة غداً وتعطل العمل واكتمل الفراغ لتعذر تأليف حكومة أخرى، لما انحلت عقدة الرئاسة إن لم تتغير حسابات القوى والدول المانعة للانتخاب. ولو عمل مجلس الوزراء بالممكن من طاقته لما قاد ذلك الى تأخير الانتخاب اذا كان القرار متخذاً عند أهل الحل والربط.

وأقل ما علينا هو التوقف عن المماحكات المضحكة قبل أن نبكي دماً. أليس بين المخاطر تهديدنا بأننا سنكون جزءاً من دولة الخلافة الداعشية، ولا ضرورة لانتظار رئيس لأن والي لبنان على الطريق؟ وكيف نتفق على استراتيجية لمحاربة الارهاب ونربح الحرب إن لم نتحرك على كل الجبهات كجمهورية لها رئيس وجيش ومؤسسات وجمهور؟