مع بدء الضربات على الحوثيين، تنحرف أنظار الإعلام الدولي عن غزة باتجاه «إرهابيي» البحر الأحمر. فباب المندب هو بحر من الخطوط الحمراء استراتيجياً وطاقوياً. وقرار مجلس الأمن بضربهم جاء بإجماع واقعي! حيث لا فيتو روسي ولا فيتو صيني، على الرغم من كل ما قيل من تحذير روسي من ضرب اليمن!
إسرائيل ستستفيد من جهتها بإبعاد المخاطر الحوثية «المحدودة» عليها. ولكنها ستستفيد أكثر من تدخّل عسكري مباشر للأميركيين، ومن «توريط» عسكري لهم أرادته منذ البداية. كما من تدخّل عسكري «بونيس» bonus لها للبريطانيين، مع احتمال مشاركة من الاتحاد الأوروبي. مما يشكّل رادعاً جديّاً لأي انزلاق بالأفكار الإيرانية!
ولكن الأهم هو إزاحة عن كاهل إسرائيل ضغط الرأي العام الدولي وضغط الإعلام الدولي والذي سيتوجه نحو اليمن والحوثيين. ما سوف يريح إسرائيل بضرباتها على غزة. وهي قد تحاول الاستفادة من هذا الوقت الضائع للرأي العام الدولي لتنفيذ أمورٍ أكثر ضراوة وأكثر حدّة في حربها ضد غزة!
قد لا يكون الوقت الذي سينحرف به الرأي العام الدولي عن ارتكابات إسرائيل كافياً لها لحسم المعركة في غزة، لكنه كافٍ لدفع قواعد الاشتباك باتجاهات أكثر عمقاً في غزة، وفي… لبنان! مع استبعاد فتح حرب شاملة مع لبنان قبل فصل الربيع!
وإذا كان البعض يتوقع أن يكون حزب الله هو التالي في الترتيب بعد حماس، إلّا أن الحوثي غيّر في المعادلة وأبعد الكأس المرّة عن حزب الله، مرحلياً على الأقل. ولكن يمكن لإيران إن شاءت أن تعطي بُعداً مخالفاً لقواعد الاشتباك بأخذ المبادرة بتنشيط الحرب على إسرائيل عبر حزب الله. وهو الأمر الذي تجنّبته حتى اليوم! ومع ذلك، تبدأ الضربات على الحوثي في اليمن. ولكن لا أحد يعرف كيف تنتهي. فتبقى كل احتمالات القصف مفتوحة، وبكل الاتجاهات!