الرئيس القوي أم الزعيم القوي أم الرئاسة القوية؟ بين صلاحيات رئيس الجمهورية قبل الطائف وبعده، تعايش رؤساء الجمهورية مع صفة «رئيس الدولة» التي أعطيت لهم بحسب الدستور. لكن لكل واحد من رؤساء الجمهورية، بدءاً من الاستقلال الى اليوم، تصرّف مع الرئاسة من وحيه الخاص. من اتّكأ على قاعدة شعبية ومن وصل بفعل تسويات عواصم القرار، ومن وصل بفعل الحرب أو بفعل سوريا. نماذج رؤساء الجمهورية في تعاطيهم مع كرسي الرئاسة، بما هو أكبر أو أصغر من الصفة التي تسوّق اليوم للرئيس القوي. البدعة الحديثة لها مقوّمات وتاريخ يتغيّر بحسب شخصية الرؤساء والأحلاف الإقليمية والدولية
طبعت عبارة العهد القوي والرئيس القوي بداية ولاية رئيس الجمهورية العماد ميشال عون. كان ثمة اعتقاد بأن العبارة هي وليدة اللقاء الذي جمع فيه البطريرك بشارة الراعي، في 19 نيسان عام 2011، القيادات المارونية الأربع، ما كرّس معادلة الزعيم الأقوى في طائفته يصبح تلقائياً رئيساً للجمهورية. لكن مقاربة التوصيف والممارسة أبعد من اللحظة الآنية ومفاعيل اجتماع بكركي ومحاولة إسقاط هذا التوصيف على انتخابات عام 2022.
تدرّج دور رئيس الجمهورية بين الجمهوريتين الأولى والثانية، تطبيقاً لدستور عام 1926 وتعديلاته المتلاحقة، وصولاً الى تعديلات وثيقة الوفاق الوطني. تنصّ المادة 49 من الدستور على أن «رئيس الجمهورية هو رئيس الدولة ورمز وحدة الوطن، يسهر على احترام الدستور والمحافظة على استقلال لبنان ووحدته وسلامة أراضيه وفقاً لأحكام الدستور». صفة «رئيس الدولة» هي العنصر الذي استند إليه رؤساء الجمهوريات المتعاقبون في استخدام صلاحياتهم وتأدية دور الرئيس القوي. وهنا يكمن كل الفرق في ممارسة رؤساء ما قبل الطائف وما بعده في استخدام الصلاحيات كما كانت واردة في الدستور الأول. إذ إن الرؤساء الياس الهراوي وإميل لحود وميشال سليمان، وأخيراً ميشال عون، رغم اختلاف اتجاهاتهم السياسية والوقائع التي أتت بهم الى كرسي الرئاسة، عملوا على الالتفاف على النص الدستوري في محاولة لإرساء معادلة منسجمة مع صلاحيات ما قبل الطائف، كما مارسها رؤساء الجمهورية منذ الاستقلال.
حكم الرؤساء بشارة الخوري وكميل شمعون وفؤاد شهاب، تباعاً بين عامَي 1943 و1964، كرؤساء أقوياء، ليس في طائفتهم وإنما في موقعهم. لم يأت الرؤساء الثلاثة من زعامة مارونية بحت. لا الخوري جاء على أساس زعامة مارونية خالصة يوم كان مقابله مجموعة من الشخصيات المارونية كإميل إده وكميل شمعون، ولا شهاب جاء بسبب واقع زعامة مارونية، فيما صار شمعون بعد خروجه من القصر زعيماً متوّجاً لأكثر من نصف قرن. لكن الثلاثة كانوا رؤساء أقوياء في رئاسات قوية. الأول بسبب دوره في الاستقلال، وبعد إرساء الأسس الأولى للدولة اللبنانية انتهى هذا الدور، فلم يتمكّن من إكمال ولايته الثانية. وبنى شمعون قوته الرئاسية على محاولة تقديم نموذج للازدهار الداخلي والدولة الحديثة. لكنه سقط مع سقوط المشروع الإقليمي الذي انتسب إليه، الى أن عاد وعزّز قوته داخلياً في الوسط اللبناني وليس الماروني فحسب، بعدما أصبح رئيساً سابقاً ومرشحاً دائماً للرئاسة. أما شهاب فبنى دوره أولاً كقائد للجيش جاء الى الرئاسة من قلب المؤسسات، وسبق أن مارس دورها في مرحلة انتقالية بين الخوري وشمعون، ومن ثم أرسى دولة مؤسسات وتنظيماً إدارياً ثابتاً، إضافة الى علاقاته العربية، وتحديداً مع الرئيس المصري جمال عبد الناصر.
الرئيس شارل الحلو، الذي كان «مسيحياً» بمعنى الانتماء والالتزام الديني، لم يكن الرئيس القوي في العرف السائد. لكن قد تكون قوته أنه تمكّن، في ظل استمرار ورثة الشهابية وصعود النفوذ الفلسطيني، من تأجيل الانفجار لسنوات، بعد اتفاق القاهرة، وهو الذي جاء وسط ظروف معاكسة أثّرت في حكمه بعد هزيمة 1967.
أما الرئيس سليمان فرنجية، الآتي من الزعامة المارونية المحلية، فقد واجه تحدّيات الداخل من الصعود المسيحي بعد الحلف الثلاثي والصراعات الداخلية بين أطرافه، الى آثار اتفاق القاهرة. أطاحت الحرب بعهده، لكنها لم تستطع كسر ولايته التي أكملها الى اللحظة الأخيرة رافضاً مغادرة القصر. وقوة فرنجية أنه بارك انتخاب خليفته الرئيس إلياس سركيس قبل ستة أشهر من ولايته، وهو ما لم يفعله أي رئيس سابق أو لاحق.
لم تسنح الفرصة لسركيس بأن يكون رئيساً قوياً بحسب التوصيف المعتمد اليوم. لكن قوة سركيس، الآتي من قلب النظام من دون أن يكون نائباً أو وزيراً أو زعيماً، أنه تمكن من العبور بالجمهورية من مرحلة الى أخرى وسط أزمات المنطقة والانفجار الداخلي. رئيس تسوية حافظ من خلالها على لبنان، وأمّن انتخاب خلفين له. وفي ذلك قوة لم تعطَ لرئيس بعده، في ظل فراغات متتالية. وفي عهده بدأ طرح الإصلاحات الجدية. ولعل تجربته لا تشبه تجارب سابقة: رئيس جديد يدخل القصر ومعه رئيس حكومة جديد هو سليم الحص، ومن ثم شفيق الوزان.
جاء اختيار الرئيس بشير الجميل، كما يروي الآباتي بولس نعمان في مذكراته («الإنسان الوطن الحرية» – دار سائر المشرق)، لأنه «الوحيد القادر على حل الأزمة من خلال إرساء حكم مسيحي قوي». جرى التعامل مع بشير الجميل كـ«قائد» قوي، وكفكرة شغلت الذين أعدّوا الجميل للرئاسة، وهذا ما لم ينطبق على كثر من الرؤساء. وباغتيال الجميل، لم يأت اختيار شقيقه من الزاوية نفسها. لا قائداً ولا زعيماً متوّجاً.
لم يحصل رئيس للجمهورية على ما حصل عليه الرئيس أمين الجميل من احتضان في بداية عهده وإجماع محلي وإقليمي ودولي على خلافته لشقيقه. لكن الحكم القوي الذي جاء محصّناً، بدأ بممارسة القوة على الرئاسة وعلى الداخل والآخرين، وانتهى بأسوأ ما انتهى إليه عهد رئاسي، بانتهاء موقع الرئاسة الأولى، بعدما فشل في الإعداد لانتخابات رئاسة الجمهورية، وغامر حتى اللحظات الأخيرة قبل أن يعيّن قائد الجيش العماد ميشال عون رئيساً لحكومة انتقالية. منذ ذلك الحين، تكرّس الفراغ الرئاسي وأصبح أقرب الى العرف اللبناني كما حال التمديد في ظل الوجود السوري.
في القراءة الأولى أن الرئيسين الهراوي ولحود حكما بقوة النظام السوري ووجوده في لبنان بعد اتفاق الطائف. الهراوي الآتي من الأطراف الأقرب الى سوريا من بين الذين كانوا مرشحين، ملأ فراغين: الأول فراغ الرئاسة، والثاني فراغ اغتيال الرئيس رينيه معوض. حكم من خلال ترويكا جمعته مع الرئيسين رفيق الحريري ونبيه بري. صحيح أن الهراوي الذي مدّد له الرئيس حافظ الأسد استند الى علاقته مع دمشق، لكنه كذلك مارس رئاسته كما حال أسلافه. هو الذي شارك في اتفاق الطائف انقلب عليه، وتصرّف مع الحريري وبري على أنه «رئيس الدولة». ما قام به لحود لاحقاً تعدّى صياغة الهراوي لدور رئيس الجمهورية. فرض لحود أعرافه على الحكومة وعلى الحريري، وبقوة النظام السوري مدّد له الرئيس بشار الأسد، الى أن تدهور الوضع بعد اغتيال الحريري. عاند لحود أي محاولة لإخراجه من بعبدا واستمر رئيساً للجمهورية حتى نهاية عهده، ولم يخضع لأي ضغط مورس عليه محلياً وخارجياً.
عملياً، استخدم الهراوي ولحود ما ليس مكتوباً في دستور الطائف وحكما كما كانت حال رؤساء الجمهورية الأولى. لم يكن الرئيسان وحدهما في ذلك، فرئيسا مجلس النواب ورؤساء الحكومات المتعاقبون، بدءاً بالرئيس الحريري، فعلوا الأمر نفسه. ويمكن أن يكون هذا سبب الخلاف القائم والمستمر بين رؤساء المجلس من حسين الحسيني الى نبيه بري مع كل رؤساء الجمهورية وصولاً الى عون. لم يمارس أي منهم الصلاحيات كما كتبها الطائف، فكان كل منهم يؤدّي دور الرئيس القوي في موقعه.
وصل الرئيس ميشال سليمان بقوة اتفاق الدوحة، رئيس تسوية، لا قائد جيش قوياً كشهاب، ولا رئيساً قوياً بالمعنى العملاني. بدأ متوافقاً مع كل القوى وانتهى على خلاف حاد مع حزب الله، وهو ما جعل الحزب يعيد حساباته ويتمسك بالرئيس ميشال عون لمدة سنتين ونصف سنة من الفراغ الرئاسي.
استخدم الهراوي ولحود ما ليس مكتوباً في دستور الطائف وحكما كما كانت حال رؤساء الجمهورية الأولى
اختلفت مقاربات السياسيين لتوصيف الرئيس القوي. انطلق عون من امتلاكه عام 2005 الأكثرية المسيحية النيابية. ورغم تبدل معطيات الانتخابات والقاعدة العونية وأسباب فوز تياره بكتلته النيابية من خلال تحالفاته، حاول أن ينقل تجربة الزعيم القوي الى قصر بعبدا، علماً أنه حاول الاتكاء على موقفه التقليدي الرافض لاتفاق الطائف ومطالبته بتعديل صلاحيات رئيس الجمهورية. أهم صلاحية بقيت لرئيس الجمهورية هي صلاحية الحرد والتوقيع الأخير لتأليف الحكومة وتركيب السلطة، لكن عون اتّهم باستخدامها بطريقة خاطئة، لغايات فئوية وشخصية، فأفقد الرئاسة وهج هذه الصلاحية وأهميتها. تصادمت فكرة الزعيم القوي والرئيس القوي في ست سنوات. لم يخرج عون من عباءة القائد والزعيم، ليصبح رئيساً قوياً. واتّهم بأنه يتّكئ على قوة حزب الله في فرض أعراف جديدة. هو الرئيس الذي عاكسته الظروف كذلك، فانهار عهده على مشارف التظاهرات وانفجار المرفأ وانهيار اقتصادي غير مسبوق. لكن عون ظلّ معانداً، محاولاً تثبيت نظرية الرئيس القوي في طائفته وبيئته في اختيار خليفته، ولم ينجح إلا في فرض إيقاعه على الرئاسة التي رفض اختصارها أو إجراء انتخابات مبكرة قبل نهاية عهده. مرة أخرى تصبح الرئاسة الأولى في نزاع متجدد ويحيط بها الخطر، حيث لم يعد التمسك بفكرة الرئيس القوي خياراً ناجحاً ومفيداً، حين لن تبقى جمهورية كي يدافع عنها رئيسها.
ميشال عون: صانع أحلام لجمهوريّة تتهاوى
يخرج رئيس الجمهورية العماد ميشال عون من قصر بعبدا بعد ست سنوات من دخوله الثاني إليه، وبعد ثلاث وثلاثين سنة من دخوله الأول عام 1989. بين المرحلتين تغيّر الرجل الذي حرّك الساحة السياسية على مدى ثلاثة عقود، وحصد عداوات فيها كما صداقات وحلفاء، وبقي له مريدون ومخلصون وقواعد شعبية تهتف باسمه. وهو إذ يستعد للخروج بسلاسة من دون قصف مدفعي ولا هدير طائرات تحلّق فوق القصر الرئاسي، يحمل معه إرث سنواته التسعين والعواصف السياسية والأمنية التي عاشها من القصر إلى القصر.
لمدة ست سنوات حكم عون من قصر بعبدا، لكنّ قلبه ظلّ في الرابية. والرابية، هنا، بالمعنى السياسي للمنفيّ في باريس والعائد بعد خمس عشرة سنة ليخوض أشرس معاركه السياسية ويحقّق حلم الرئاسة، «منتقماً» من الماضي الذي «لم يستطع أن يسحقه». فكان جنرال الرابية الذي فاوض وعرقل أو سهّل تشكيل حكومات، ووافق على اتفاق الدوحة وقوانين الانتخاب، وخاض الانتخابات وخرج منها بأكثرية نيابية مسيحية عام 2005 ثم في عام 2009. وفي كل ذلك، طغى إطار زعامة تكتل التغيير والإصلاح على رئيس الجمهورية، كما طغت عليه صفة قائد الجيش حين أصبح رئيساً للحكومة بعد انتهاء عهد الرئيس أمين الجميل.
هو ابن حارة حريك أولاً وآخراً، وقائد الجيش ورئيس حكومة انتقالية، أتى رئيس تسوية ضمنها الرئيس سعد الحريري والقوات اللبنانية، وكان كفيلها الأول حزب الله. لكنه أمضى سنواته الست وهو يتصارع مع الثلاثة، فخرج الأول من السياسة قبل أن يخرج عون من بعبدا، وانكفأت القوات اللبنانية عنه فانفرط عقد المصالحة المسيحية. أما الثالث، فهو الحليف الذي حفظ وعده له، من دون أن تسلم علاقتهما من مدّ وجزر وتباين في الرؤية حول ملفات شائكة. إلا أن التفاهم بقي قائماً بمفعول لا يبدو أنه سينتهي مع وريثه رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل في 31 تشرين الأول.
على الطريق إلى القصر الجمهوري، وخلال وجوده فيه وحتى لحظة خروجه منه، كان عون مزيجاً من رئيس تساوت فيه لدى محبّيه وخصومه صفات: الجرأة والتهور، الإقدام والإحجام، الجنوح نحو معسكر 8 آذار وتفاهم مار مخايل، والتمسك بالحقوق المسيحية كأعتق المسيحيين، المدافع الشرس عن الجمهورية الثانية والمؤيد لإلغاء الطائف وبناء الجمهورية الثالثة، من طوى صفحة الخصومات المسيحية والسنية، ونبش قبورها مجدداً، الرجل الذي أراد بناء دولة، والرئيس الذي وصل إلى القصر فاستكان إليه ولم يبادر إلى ما يُخرِج البلد من أزمته الطويلة، حليف سوريا التي لم يزرها خلال ولايته، حليف حزب الله لكنه لم يذهب إلى طهران، بدأ عهده برحلة إلى السعودية، وختمه بانفراط عقد السُّنّة عنه، دافع عن الرئيس سعد الحريري حين قدّم استقالته من السعودية، ووقف ضده ولم يسهّل توليه رئاسة الحكومة مرة ثالثة في عهده. وهو الرئيس الذي وصل على تنسيق مع ثاني قوة مسيحية، يخرج من القصر على عداوة متجدّدة معها، يزيدها إلى رصيد من عداوات تفاقمت خلال ست سنوات. اختلف مع رئيس مجلس النواب ومع رؤساء الحكومات، ولم يستطع أن يؤمّن حضوراً دولياً وإقليمياً كما كانت حال انطلاقة عهده.
في القصر، وخلال ست سنوات، سقط كثيرون من حول عون، وابتعد عنه البعض أو أن بعض المقرّبين منه أبعدوا البعض الآخر، من أفراد عائلته ومن مستشاريه ومن وزراء سابقين ونواب وقياديين في التيار العاصف بخلافات داخلية. منذ أول مؤتمر صحافي عقده في أوائل التسعينيات في قصر بعبدا وصولاً إلى باريس ومن ثم إلى الرابية فبعبدا، لم يتغير أسلوب عون، ولا تغيّرت لهجته ولا الملفات التي يحفظها جيداً أو يعود إلى أوراقه ليؤكد صحة أقواله على مدى سنوات. لكن تغيّرت كثير من القضايا التي دافع عنها، وبدّل حلفاء له وأصدقاء. الثابتة الوحيدة في المسار المتحرك، على مدى سنواته رئيساً للتكتل ونائباً من ثم رئيساً للجمهورية، علاقته بصهره رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل. لا يقبل عنه شكوى منذ سنوات ولا يرد طلباً له، ويعود إليه في الشاردة والواردة، بخلاف سنوات عودته الأولى التي كان لعون وحده حق القرار الأخير. وباسيل كان دائماً يردد أن الكلمة الأخيرة لعون ويخطئ من يظن العكس. وفي هذه النقطة كان باسيل على حق. لكنّ عون في بعبدا، تشارك في القرارات مع باسيل، وكان رئيساً للجمهورية محاطاً بحلقة صارت تضيق سنة بعد أخرى.
العهد الذي اتهمه خصومه بالمسؤولية عما وصل إليه الوضع من انهيار اقتصادي ومالي وفساد مستشرٍ، لم يكن وحده مسؤولاً عنها. ورث تركة ثقيلة، لكن، في نهاية الأمر، سيظل اسمه مرتبطاً بأنه كان رئيساً للجمهورية يوم انهارت الليرة، ويوم سُرقت أموال اللبنانيين من المصارف، ويوم انفجر مرفأ بيروت وسقط مئات الشهداء وآلاف الجرحى ودمّر نصف العاصمة، وأنه كان رئيساً للجمهورية يوم جاع اللبنانيون وانقطعت الكهرباء عنهم، ويوم تحوّل لبنان إلى بلد من بلدان العالم الثالث. مع ذلك بقي عون يردد نيته بالمحاسبة والإصلاح والتغيير، وظلت أحاديثه تعطي نكهة أحلام ما قبل الرئاسة.
دفع ثمن عداواته المحلية والإقليمية والدولية رئيساً للجمهورية كما دفع ثمن صداقاته، وظل يعاند الأقدار في وجه عهده والعواصف التي تهبّ عليه، فكان يخرج منها معانداً بقوة أكبر. رغم تقدمه في السن، ظل يحتفظ بحيوية سنواته الأولى منتقلاً من قيادة الجيش إلى العمل السياسي الذي كان يمارسه 24 ساعة. لكنّ العواصف كانت أقوى من الرئيس الذي خاض أشرسها في سنوات كثيرة، والتناقضات التي كسرت أحلام كثيرين وأعطت آمالاً لكثيرين، جعلت منه رئيساً لجمهورية تتهاوى.
هيام…