Site icon IMLebanon

صراع بين المصارف الإيرانية و«الحرس»؟

لا بد للمراقب أن يتوقف عند تقارير نهاية الأسبوع الماضي، أشارت إلى امتناع مصرفين إيرانيين عن فتح حسابات بالعملة الصعبة لمؤسسة تابعة لـ»الحرس الثوري» الإيراني، وتذرع المصرفين المعنيين بـ»رقابة ذاتية» تمارسها حكومة الرئيس روحاني على التعاملات المالية مع «الحرس» باعتباره يخضع لعقوبات دولية.

وأوردت وكالة «أسوشيتد برس» نهاية الأسبوع الماضي، خبراً بهذا المعنى نقلاً عن صحيفة «كيهان» المتشددة، وربطت موقف مصرفي «ملت» و»سبه» من مؤسسة «مقر خاتم الأنبياء»، بدخول «مجموعة العمل المالي» الدولية المعروفة اختصاراً بـ»فاتف» على خط التعاملات المالية الإيرانية بعد قرار هذه المجموعة المعنية بمكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، تعليق إجراءات كانت اتخذتها ضد طهران.

بطبيعة الحال، أطلق تعامل الحكومة مع «فاتف» جدلاً داخل إيران خصوصاً مع اندفاع القطاع المصرفي نحو الانفتاح على المؤسسات الدولية وفي ظل تقارير عن عزم ثلاثة مصارف إيرانية هي «ميدل إيست بنك» و»بارسيان بنك» و»سينا بنك» فتح فروع في ألمانيا لتكون رأس حربة في التعامل مع المؤسسات المالية الغربية.

وفي مقابل مساعي حكومة روحاني للانفتاح على المؤسسات الدولية، برزت مواقف متحفظة عن التعاون مع «مجموعة العمل المالي»، خصوصاً من جانب علي أكبر ولايتي، مستشار المرشد علي خامنئي وبعض المسؤولين في «مجلس الشورى» (البرلمان) والمجلس الأعلى للأمن القومي.

ويعتبر معارضو الانفتاح على هكذا مبادرات دولية أن التعاون معها «كارثة»، إذ «يفتح الباب لنفوذ الجهات الغربية على النظام المالي الإيراني ويهدد قيم الثورة ولا يخدم المصارف المحلية بل يخضعها لقيود جديدة».

وسبق أن أشاع معارضو الاتفاق النووي في الخارج، إلى أنه لا يتضمن إشارة إلى ما تعتبره جهات غربية «تمويلاً للإرهاب» ويراه المعنيون في إيران بأنه «دعم لقوى التحرر والمقاومة»، لكن وزارة الاقتصاد الإيرانية أشارت في مناسبتين إلى الأمر في شكل عابر أولهما عندما تحدثت عن «مصادقة البرلمان على القانون المالي لمكافحة الإرهاب استناداً إلى لائحة قدمها الجهاز القضائي الإيراني»، إضافة إلى تأكيد مساعد وزير الاقتصاد الإيراني حسين قضماوي في بداية الأسبوع، وجود قائمة حظر مفروض على أشخاص وكيانات مرفقة بوثيقة الاتفاق النووي، ملمحاً إلى أن هذا الحظر يشمل «مقر خاتم الأنبياء» الذي يعتبر أكبر جهة متعاقدة مع الحكومة في مشاريع بناء.

ونظراً إلى إنشاءات ضخمة وناجحة نفذها «مقر خاتم الأنبياء» فإن من المستبعد المساس بهذه المؤسسة حتى ولو كان ذلك لمصلحة التعامل مع شركات أجنبية مهمة مثل «بوينغ» الأميركية التي لطالما تطلعت طهران إلى إجراء مبادلات تجارية معها.

وفي السياق ذاته، فإن أي تنازلات يمكن أن تقدم إلى الغرب، يستبعد أن تشمل الاقتراب قيد أنملة من فرض قيود على مساعدات إلى «قوى تحرر حليفة» مثل «حزب الله» و»حماس» و»الجهاد الإسلامي».

ولا يعرف بالضبط حجم الأموال التي ترسل إلى «حزب الله» لكن ثمة تقارير تقدرها بما يفوق البليون دولار سنوياً وقد يكون الرقم زاد على ذلك كثيراً نظراً إلى مشاركة الحزب في العمليات العسكرية في سورية، ما يُعتبر جزءاً أساسياً من المجهود الحربي الإيراني.

وحفاظاً على سرية المعلومات وخصوصيتها باعتبارها جزءاً من الأمن القومي الإيراني، فإن تمويل «الحلفاء» لا يمكن أن يرد في موازنة الحكومة التي تخضع لمراقبة المشرعين، بل يأتي من مكتب المرشد خامنئي مباشرة. وعليه يبقى «الحرس» المستهدف الأساسي من أي إجراءات دولية كما الجهات المتحالفة معه، محصناً بعيداً عن أي محاولات دولية لتسليط الضوء على تعاملاته.