لا تستكين أرملة الوزير الراحل الياس سكاف، ميريام طوق سكاف إلى مشكلة في زحلة، حتى تعاجلها الثانية. منذ وفاة زوجها، تحاول سكاف التفلّت من الألغام التي تُعرقل طريقها. في البدء كانت الحرب الباردة مع رئيس أساقفة الفرزل وزحلة والبقاع للروم الكاثوليك عصام درويش.
بعدها برزت التباينات داخل البيت الواحد بينها وبين ابن عمّ زوجها، الشريك في الأملاك، ميشال سكاف. وما بين بين، استُكملت فصول خلاف آل سكاف مع عائلة النائب إيلي ماروني من جهة وآل فتوش من جهة أخرى والتساؤلات التي طُرحت بعد استقبالها المميز للرئيس السابق سعد الحريري. على الرغم من كلّ ذلك، لم تظن سكاف مرّة أن أسهمها في المدينة قد تتراجع قيد أنملة، ربما لإدراكها أنها هي التي تُمسك بزمام القرار داخل «الكتلة الشعبية» ولا منافس علنياً لها من قلب العائلة. ولكن، لميشال سكاف رأي آخر. اختلاف وجهات النظر بينه وبين أرملة نسيبه ليست بالأمر الجديد، وقد وصلت الأمور حدّ رفعه السقف بوجه ميريام في خضم «صراعها» مع درويش حين ردّ عليها بالقول: «حيطنا عالي ولكنه ليس أعلى من الكنيسة». التباين لم يبدأ بعد وفاة سكاف، فقبل ذلك اختلف ابنا العمّ حول آلية خوض الانتخابات النيابية في عام 2009. على مرّ السنوات، «سيطر» النائب الراحل على الزعامة التي ورثها عن أبيه ثم جيّرها لزوجته، فيما ميشال يكتفي بدور خلف الكواليس، رافضاً تسريب أي معلومة من شأنها الاصطياد في ماء العائلة العكر. هذه المرّة بدّل قواعد لعبته، مقرراً المواجهة من خلال محاولته تأليف لائحة لانتخابات البلدية تجمع كلّ الأطراف في زحلة، في حين أن ميريام لا تزال ترفض المشاركة. خطر الانقسام يتربص بـ«الكتلة الشعبية» وآل سكاف.
«لكل حقبة آلية عمل خاصة بها، اليوم زحلة بتحكي ونحنا منسمع… سيكون هناك تحول ونريد أن نكون على قدره»، يقول ميشال في حديث مع «الأخبار». ينكر الرجل أن يكون يستغل هذه الخطوة من أجل بناء زعامة جديدة: «ما ناقصني وأنا شبعان». إلا أنّ الدافع خلف هذه الوثيقة هو «وضع البلد والظروف الاقتصادية السيئة التي تقتضي هكذا مقاربة بروتستانية… ما نطلبه هو الشراكة في مواجهة الزعامة الأحادية، لأن الحِمل كبير». أما من يرفض السير بهذا الخيار، فهو «لا يملك الجرأة للخروج من الخلافات التي تحكمت بنا طوال 30 عاماً». هذه الحركة «تخرج من سياق المواجهة بين الأحزاب والعائلات. لدينا القدرة على استيعاب كلّ القوى غير المتجانسة». ماذا عن التفاهم بين القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر؟ يجيب سكاف بأنه «نحن أساسه منذ عشرين سنة وموافقون عليه. لكن ما هي الآلية من أجل الانخراط به؟».
طُبخت المبادرة في أحد مطاعم منطقة الكرنتينا «وبدأنا استمزاج الآراء». عقبات عدة واجهته، أبرزها أن «البعض أراد استعمالها كرافعة، والبعض الآخر اعتبر أن هذا الخيار يُقيضه وأن الطرح مثالي». يعي سكاف صعوبة الخطوة، «على الأقل نكون قد حاولنا كسر الطوق». التواصل مع الأحزاب يجري من خلال ممثليهم في زحلة، بالإضافة إلى التواصل مع المطران درويش وبيار عيسى، أسعد نكد، سليم وردة، سليم عون، ماغدا رزق، مايا خراط، روجيه الحاج شاهين، نقولا سروجي، نقولا سابا، بول شربل، بيار شررو، خليل الهراوي، سيزار المعلوف، ريتا خوري، زياد الترك، أسعد زغيب… أما بالنسبة إلى ميريام، فالتواصل معها دائم، ولكن هي حذرة من أن «يؤدي التوافق إلى إلغاء دور العائلات. علماً أن القوة هي في أن تطغى المصلحة العامة على كلّ شيء». المعلومات المتداولة في زحلة تتحدث عن «طموح» سكاف أن يكون رئيس اللائحة، أما هو فيُقدم تركيبة من «الصف الأول. ما حدا يتكبر على زحلة». من المتوقع أن يُنظم سكاف جلسة مع الصحافيين نهاية هذا الأسبوع «من أجل إيضاح الأمور ووضع الجميع أمام تحدياته».
وأصدر سكاف، مع مجموعة من الزحليين، بياناً عنوانه «وثيقة تفاهم»، يتضمن الدعوة إلى التوافق في الانتخابات البلدية. الوثيقة وُزعت على ممثلي الأحزاب والشخصيات المستقلة والمراجع الروحية في المدينة، مُرفقة بنص بيان حركة «مواطنون ومواطنات… في دولة» التي أطلقها الوزير السابق شربل نحاس الخميس الماضي، لكون الأخير وسكاف يُنسقان معاً. بالنسبة إلى سكاف: «الوارث كالسارق. لا يُمكننا أن نُكمل بالوراثة، بدنا يكون عنا القيمة تبعنا».