IMLebanon

تعثّر «سليماني» في تكريت وحلب ودرعا؟

من غير المفيد التذكير مجدّداً بـ«القنبلة» الصوتية التي فجَّرها وزير الخارجية الأميركي جون كيري قبل يومين. فهذا النوع من القنابل بات سِمة السياسة الخارجية الأميركية، في ظل إدارة الرئيس باراك أوباما.

لا شيء إستثنائياً فيها، لكنها تقود الى استنتاجين: إمّا أنها تعكس غياب الإستراتيجية خصوصاً في ملف الأزمة السورية، أو انها استراتيجية تُمعن في إغراق الأطراف الأخرى في وحول تلك الأزمة، واستنزافها قبل الوصول الى طاولة المفاوضات الجديّة. كما أنه ليس ضرورياً التذكير بالتوضيحات البريطانية والفرنسية والأوروبية، فيما بعض الأميركيين يُدرج كلامه في خانة المفاوضات النووية مع طهران.

غير أنّ مسؤولين عسكريين أميركيين يعتبرون كلام كيري موجهاً الى «الحلفاء»، مع تداول معلومات تُفسّر الإخفاقات التي مُنيت بها إيران في سوريا والعراق أخيراً، وتخوّفه على مستقبل المفاوضات النووية مع قرب توقيع الإتفاق معها. هذا ما يُفسّر تصاعد لغة التفاؤل والتشاؤم بالنسبة الى احتمالات هذا التوقيع من عدمه، سواء من المسؤولين الإيرانيين او من الأميركيين.

وتشير أوساط هؤلاء الى أنّ انزعاجاً يسود أروقة البنتاغون ممّا تشهده معركة تكريت، مع إعلان مسؤولين أميركيين حصول تجاوزات، ولو كانت على «مستوى ضيق»، فيما المعلومات تؤكد أنها واسعة النطاق. فإذا كان مآل الحرب على «داعش» في العراق سيقود الى تجديد تجربة نوري المالكي الإقصائية، فماذا عن مستقبل الوجود الأميركي، وما هي المصلحة في تكرار تلك التجربة؟

كلام رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي عن محاولات «سرقة» الانتصار عبر «التجاوزات الميليشياوية»، يتقاطع مع معلومات تتحدث عن أنّ توقّف عملية تكريت يعود بشكل أساسي الى دعم يتلقّاه «المدافعون» عن المدينة من أطراف إقليمية، فضلاً عن كلفة إنهاء جيوب المقاومة فيها ما لم تُستدع القوة الجوية الأميركية.

العبادي، الآتي إلى واشنطن خلال أيام، في جعبته طلب العون الجوّي، بعدما ظهر جلياً حدود «قوة سليماني» التي تفتقر الى هذا الغطاء، ونقاش الموقف من «التدخلات الإقليمية» التي حصلت، وجمّدت العملية في تكريت.

تضيف تلك الأوساط أنّ الأمر نفسه حصل في سوريا مع الضربة التي تلقّتها القوات التي تقودها إيران، سواء في منطقة حلب او في ما يعرف بـ«مثلّث الموت» في الجنوب.

وتقول إنّ تدخلاً إقليمياً منع إيران من تحقيق أهدافها، عبر إسقاط بلدة حندرات الاستراتيجية قرب حلب، ومقتل وجرح المئات من المقاتلين الموالين لمحور إيران – النظام. كما حصل تدخّل آخر في الجنوب السوري فرضَ على المهاجمين وَقف عمليتهم بعد تكبّدهم خسائر فادحة.

هكذا تفهم الزيارة «الرسالة» لوزير خارجية الاردن ناصر جودة الى طهران الاسبوع الماضي. حتى الطرف الإسرائيلي يبدو أنه قطع اشواطاً في علاقاته بالجماعات السورية المسلحة، خصوصاً «جبهة النصرة»، بحسب بعض المعلومات.

وتعتقد تلك الأوساط أنّ المحور الإيراني أخطأ في تقدير ردّ الفعل على عمليته وأهدافها، خصوصاً أنها ترافقت مع عراضة سياسية إنبرى فيها مسؤولون إيرانيون كثر لإحياء أمجاد «امبراطورية فارس»، ليتبيّن بعدها أنّها السبيل الأسرع لجَلب «الأعداء» الى المواجهة.

تقول أوساط ديبلوماسية عربية في واشنطن إنّ الأمر أشبَه بالعودة الى نقطة الصفر، من العراق الى سوريا، ومواجهة التمدّد الإيراني دخلت عملياً مرحلة التطبيق، بإتفاق نووي أو من دونه. ولعبة توزيع الأدوار وتحديد الأحجام يبدو أنها أخذت زخماً بعد اللقاءات الإقليمية المهمة التي كانت الرياض مسرحها، وصولاً الى مؤتمر دعم اقتصاد مصر الذي انعقد الاسبوع الماضي في شرم الشيخ.

وفي اليمن، نجحت دول الخليج، خصوصاً السعودية، في استعادة المبادرة السياسية وفَرملة الهجمة الإيرانية. وهو ما تُرجم أخيراً بإعلان الحوثيين رفع الإقامة الجبرية عن رئيس الوزراء خالد البحاح وحكومته، وحديثهم عن اتصالات غير مباشرة مع الرياض المتمسّكة برعاية الحوار الجديد والمُستعدّة لدعم الرئيس عبد ربه منصور هادي مادياً وعسكرياً.

فالأطراف الإقليمية المعترضة على تضخيم الدور الإيراني أو تضخّمه، تجاوزَت اعتراضات واشنطن، مع اقتناعها بعجز إدارة أوباما وتخبّطها في صوغ استراتيجية واضحة سواء في محاربة الإرهاب او في إدارة ملفات المنطقة. وسوء التقدير الإيراني تغذّى من عجز واشنطن، ما قد يُترجم للأسف إستعاراً لحروب المنطقة.

لكن ماذا في جعبة البنتاغون الذي لا تخفي أوساطه استياءها من إدارة الحرب وتخوّفها من قيام الإدارة السياسية بتلبية طلبات «المراجعين»، في ظلّ معادلة «نصف حبل» التي تمارسها في المنطقة؟