IMLebanon

سقوط طرح السنتين هل يحيي فرصة نصف ولاية عونية؟

تفرّدت مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري التي يمكن اختصارها بعنوان «الانتخابات النيابية اولا»، بمساحة مباحثات طاولة الحوار الوطني التي التأمت امس في عين التينة، والتي يبدو انها تأتي في سياق قطبة مخفية تبدأ من عين التينة ولا تنتهي بزلة لسان سفير كشف مستور ما يخاط في عاصمة دولته.

مصادر دبلوماسية مواكبة أوضحت ان اللقاء الباريسي يأتي في «سياق استكشافي» قررت باريس المبادرة باتجاهه ودعوة عدد من المسؤولين اللبنانين، بعدما توقفت المبادرة الروسية في هذا الخصوص، لمناقشة جملة أفكار كان اودعها البطريرك الماروني لدى الجانب الفرنسي، قد تساهم في تحريك المياه الراكدة في مستنقع الاستحقاق ومنها جمع الرئيس سعد الحريري ورئيس تكتل التغيير والاصلاح النائب العماد ميشال عون في فرنسا او بكركي او غيرهما، رغم أن الحراك الدولي، وإن كان غير مجدٍ حتى اللحظة، فإنه يبقى مهماً لإبقاء الملف اللبناني حاضراً على المستوى الدولي، وجاهزاً للبتّ عندما يحين وقت الحلول، معتبرة أن طرح رئيس لسنتين كمرحة إنتقالية، يندرج ايضاً في إطار ملء الوقت الضائع، لان لا رئيس للجمهورية في الوقت الحاضر.

واشارت المصادر الى ان الحركة الفرنسية من والى لبنان، التي بدأت باستقبال هولاند للبطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، ثم للحريري يضاف إليها زيارة وزير الخارجية جان مارك ايرولت الى بيروت في 27 الجاري، تدلّ على تطور ايجابي ما بشأن الملف الرئاسي استكمالاً لزيارة الرئيس فرنسوا هولاند لبيروت، مؤكدة أن فرنسا مهتمة بالملف اللبناني لا سيما لجهة إعادة إطلاق عجلة المؤسسات الدستورية، مشيرة الى أنها ما زالت تعمل مع الجهات المؤثرة من أجل الوصول الى خواتيم ايجابية تتوّج بإنهاء الشغور بعد سنتين من إقفال قصر بعبدا.

واذا كان من الواضح ان اجتماع الاليزيه لم يؤت ثماره المرجوّة، مع اعلان الحريري من على درجه بصراحة «ان جلوسه وعون يجب ان يكون له هدف محدد»، فان ذلك لن يثني فرنسا عن مواصلة وساطتها لحلحلة العقدة الرئاسية، تضيف المصادر، اذ يزمع الرئيس الفرنسي اثارة القضية مع ولي ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان الذي يزور باريس أواخر أيار ومع وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف منتصف حزيران، حيث ستساهم محادثاته مع الرجلين في رسم تصور لمصير الاستحقاق.

في المقابل، تشير المصادر الى ان فريق الثامن من آذار لا يبدو متحمسا لا للمسعى الفرنسي ولا لأي مسعى خارجي آخر، حيث حكي في الاسابيع الماضية عن وساطة كانت مصر تزمع الاضطلاع بها لبنانيا، انطلاقا من موقعها المنفتح على الايرانيين، ويفضل ان تكون المعالجة لبنانية. وفي هذا الاطار، طرح الرئيس نبيه بري مبادرته الاخيرة التي تبدو حظوظها في النجاح بدورها شبه معدومة بحسب القراءة الاولية لمواقف الاطراف على طاولة الحوار امس، رغم ما نقل عن عين التينة من حرص على لبننة الحلول والتعويل على تفاهمات محلية ممكنة رغم التباعد، كفيلة باخراج البلد من حال التخبط السياسي الذي يعيشه، ولا ينفك يدعو الى «دوحة لبنانية» ترسم خريطة طريق تعيد انتظام عمل المؤسسات في الداخل.

البرتقاليون الذي سقطت مخاوفهم بعد مرور قطوع زيارة الحريري الى باريس،خاصة مع وجود رئيس جبهة النضال الوطني وليد جنبلاط هناك، والمتداول عن لقائه على هامش الاحتفال التكريمي لكمال جنبلاط في المعهد الثقافي العربي والذي ضمه الى جيفري فيلتمان ناصر السعيدي رياض سلامة وغسان سلامة، منطلقين من أن خروج رئيس تيار «المستقبل» بعد لقائه الرئيس الفرنسي مجددا دعمه لرئيس تيار «المردة» للرئاسة، يؤكد ان لا مبادرة فرنسية واضحة وأن الملف الرئاسي يراوح مكانه،ما يعتبر مؤشرا ايجابيا في نظر الرابية، التي تسوق لمدة انتقالية عبارة عن ثلاث سنوات بدلا من سنتين، تسمح بتمرير الوقت الضائع، اولا، وثانيا لان حظوظ فرنجية تبددت بالكامل.

قراءة تتقاطع مع قراءة رئيس مجلس النواب، بحسب اوساط سياسية متابعة، اعتبرت ان طرح الاستاذ لمبادرته القابلة للنقاش الايجابي، تعني في مكان ما أن بري صار متيقناً من صعوبة تمرير صفقة إنتخاب النائب سليمان فرنجية رئيسا، مستدركة بانها قد تعني ايضا بأن طرح الرئيس الإنتقالي، الذي وُضع لإنتخاب العماد ميشال عون تحديداً، غير جدّي بدوره، رغم محاولات توظيفه اعلامياً وسياسياً من جانب بعض الجهات اللبنانية لأهداف معروفة، أبرزها اقفال الباب على النائب سليمان فرنجية، والذي كان مدار بحث ونقاش خلال قمة الاليزيه، انطلاقا من الريبة الحريرية المتزايدة من سياسة المملكة السعودية، بداية من موقف السفير السعودي حول ترشيح «البيك» وليس آخرها الانفتاح المفاجئ على عون وتوجيه دعوة له لحضور الاحتفال الذي يقيمه العسيري في منزله،لتبقى الدلالة الابرز في سقوط الحرد العوني وتلبية العماد للدعوة.

فالقمة التي اثارت جملة تساؤلات وتكهنات لا أجوبة واضحةً عليها بعد، لجهة توقيتها وظروفها، اوحت بان اي تحرك فرنسي دوليا لا يمكن ان ينطلق من اقتراح محدود ومحفوف بالمحاذير، بل يتعدى ذلك الى ما بدأ يتحدث عنه الرئيس بري، الذي بدا كأنه التقط الرسالة الفرنسية وراح يركّز على ما يسميه دوحة لبنانية، حيث تشير مصادر دبلوماسية الى محاولة باريس احداث ثغرة في جدار الازمة من خلال «السلة الشاملة»، تزامنا مع الضغط باتجاه ايران والسعودية لتحييد لبنان عن صراعاتهما في المنطقة،علماً انه سبق للفرنسيين ان ردّدوا طرْحهم لجعل لبنان مساحة توافقية او لفك الإشتباك بين السعودية وإيران من خلال حل أزمة الفراغ الرئاسي.