التمديد للمجلس النيابي بات احد الطقوس المعتمدة في السياسة اللبنانية وفق الاوساط المواكبة للمجريات حيث سجل رقماً قياسياً مع انطلاقة حروب العبث اللبنانية بتمديد المجلس لنفسه مدة 20 عاماً اي من عام 1972 وصولاً الى العام 1992 وكانت سلطة الوصاية السورية قد امرت بملء شغور بعض المقاعد في العام 1990، واذا كانت الضرورات تبيح المحظورات فاين المبرر لقيام المجلس النيابي الحالي بالتمديد لنفسه مرتين ولا سيما ان الوضع الامني يسمح بذلك بعد اقتلاع ظلال «داعش» و«النصرة» من جرود عرسال، ورأس بعلبك والقاع، واذا كان السبب المنظور قد انحصر في الخلاف حول القانون الانتخابي الجديد الذي يعتمد على النسبية ما املى التمديد للمجلس الراهن، فما الذي يحول دون اجراء الانتخابات الفرعية لملء 3 مقاعد شاغرة في البرلمان احدها في كسروان والذي كان يشغله الرئيس العماد ميشال عون والمقعدين الارثوذكسي والعلوي في طرابلس بعد استقالة النائب روبير فاضل ووفاة النائب بدر ونوس.
وتضيف الاوساط ان نعي رئيس مجلس النواب نبيه بري للانتخابات الفرعية لم تفاجئ احداً فوزير الداخلية نهاد المشنوق لم يوقع مرسوم دعوة الهيئات الناخبة ولا فتح باب الترشيح، ولا خصصت موازنة للاستحقاق، وسط الكثير من الاسئلة عن الاسباب التي تحول دون اجراء الانتخابات الفرعية خلافاً للدستور الذي يصفه البعض بأنه بات وجهة نظر لدى معظم اللاعبين على الحلبة السياسية، واذا كانت عجلة الدولة قد وضعت على السكة بانتخاب رئيس قوي للجمهورية، فان ريبة البطريرك مار بشاره بطرس الراعي حول الانتخابات الفرعية جاءت في مكانها الصحيح في عظة الاحد قبل اسبوعين حيث حذر الراعي من مغبة مخالفة الدستور وعدم اجرائها، الا انه ذهب ابعد من ذلك حين اعلن الراعي عن خشيته من نسف الاستحقاق الانتخابي في ايار عام 2018 لاسباب وحجج تتعلق بالقانون الانتخابي الجديد الذي عصي عن فهمه حتى صانعوه ومطالبة البعض بتعديلات سبق واشار اليها وزير الخارجية جبران باسيل اثر زيارته للراعي بعد ولادة القانون العتيد ليقدم له جردة حساب.
وتشير الاوساط الى ان تحذير بري امام زواره من عدم انجاز الاستحقاق الانتخابي في موعده سيكون انقلاباً على الدولة لن يتهاون معه، واذا كانت حجة البعض تتعلق بالعجز عن انجاز البطاقة الممغنطة، فان في معظم الدول المتقدمة تجرى الانتخابات بواسطة الهوية الشخصية، فمن يريد نسف الاستحقاق الانتخابي القادم ولاي سبب وما علاقة الزلازل السورية بالامر، وخصوصاً ان حروب المحيط ستضع اوزارها قريباً بعد تحرير دير الزور وكلام المبعوث الاممي الى سوريا ستيفان دي مستورا عن ان نهاية «داعش» حتمية في شهر تشرين الاول القادم، فهل بات التمديد لبعض المواقع مرضاً لبنانياً مستعصياً على الشفاء، ولعل اللافت ان الرئيس بشارة الخوري كان رائداً في هذا المجال يوم مدد لنفسه عبر المجلس النيابي لثلاث سنوات وقد أسقطت «الجبهة الاشتراكية» يومذاك وكان عمادها الراحلين كميل شمعون وكمال جنبلاط صرعة التمديد، الا انها استشرت عبر مسيرة الحياة السياسية على الساحة المحلية لتكرّر الظاهرة رئاسياً ونيابياً والمعروف ان الرئيس السوري حافظ الاسد مدّد ولاية الرئيس الياس الهراوي 3 سنوات عبر حديث له اجرته معه «الاهرام» اشار فيه الى حب اللبنانيين للهراوي وكان هذا كافياً ليقوم المجلس النيابي بالبصم للتمديد وتكرر الامر مع الرئيس اميل لحود وكاد يحصل ذلك مع الرئيس ميشال سليمان يوم تمنى الراعي على المعنيين بقاء سليمان في بعبدا لتصريف الاعمال على غرار الحكومة في وضع الاستقالة، فهل نعي الانتخابات الفرعية مقدمة تمهيدية لنسف الاستحقاق المقبل والتمديد ثالثة للمجلس؟ رحم الله الاخوين رحباني «بهالبلد كل شي بيصير».