IMLebanon

ضربات متعاقبة تُحاصر منطق النظام السوري وصفات مواجهة التطرّف لا تزال “ملهاة”

تلقى النظام السوري اخيرا وفي اوقات متزامنة مجموعة ضربات متعاقبة من شأنها تحجيم الثقة التي ابداها الرئيس بشار الاسد في الاحاديث الصحافية التي ادلى بها في الآونة الاخيرة الى وسائل اعلام غربية كبرى في اظهار نفسه شريكا محتملا ووحيدا للدول الغربية في محاربة تنظيم الدولة الاسلامية او الارهاب. فالى جانب الضربة المعنوية التي تلقاها الموفد الدولي الى سوريا ستيفان دوميستورا لإعلانه ان الرئيس السوري هو جزء من الحل في سوريا واضطراره الى التراجع او تصحيح هذا القول بعد رد فعل اميركي وفرنسي رافض لهذا المنطق الى جانب رفض المعارضة السورية لخطته تبعا للخطأ الذي ارتكبه الموفد الدولي، فإن الهجوم الاخير الذي شنته قواته بدعم من الميليشيات الشيعية الموالية لايران على حلب فشل. في الوقت نفسه، اعلن عن اتفاق اميركي تركي من اجل تدريب المعارضة السورية، وهو امر جهد الاسد مع روسيا في مساع لاستبعاده وعدم امكان حصوله. وخطوة تدريب المعارضة، ولو بأعداد غير كبيرة ولآجال طويلة هي خطوة معنوية قوية تظهر التزاما. يضاف الى ذلك انه من مؤتمر مكافحة العنف المتطرف الذي دعت اليه واشنطن، حدد الرئيس الاميركي باراك اوباما اسبابا للارهاب في المنطقة. فاشار الى “النزاع المذهبي الذي تحوّل قوة جاذبة للعنف المتطرف” موضحا “ان الحرب التي شنها بشار الاسد على شعبه في سوريا والتأجيج المتعمد للتوتر المذهبي ساهما في بروز داعش”، خالصاً الى ان “الحرب الاهلية السورية ستنتهي فقط حين التوصل الى عملية انتقالية تشمل مختلف القوى وتشكّل حكومة تخدم جميع السوريين من مختلف الاتنيات والاديان”. وتطرق الى العراق معتبرا ان “اخفاق الحكومة السابقة في ممارسة الحكم بطريقة تشمل مختلف القوى ساهم في النجاحات التي حققها داعش هناك ايضا”. وفي هذا التوصيف للارهاب وتحديد اسبابه في سوريا، ما يشكّل رفضا جديدا للاقرار للنظام بواقع القبول بمنطقه في مواجهة الارهاب واعادة اسبابه اليه على المستوى الشخصي وتسميته في هذا الاطار، الا ان بيت القصيد هو اعادة اسباب الارهاب الى النزاع المذهبي اي الشيعي السني، ولو ان اوباما لم يدخل في التفاصيل التي تعيده الى الدول والكيانات ومسؤولياتها في حين انه يحاذر ذلك، كما اعادته الى عدم تأمين المشاركة الحقيقية في السلطة والاعتراف بحقوق الطوائف، ما يعني في شكل مباشر ان الوصفة لمواجهة الارهاب كما لإنهاء الحروب معروفة في عناوينها كما في جوهرها ولو لم تحن آجال هذه الحلول بعد.

يقول مراقبون ان هذه المقاربة سارع اوباما الى محاولة تبنيها في اليمن من خلال توجيه رسالة مباشرة الى الحوثيين على رغم وجود تواصل معهم وعدم وجود عدائية فعلية، مع ان هؤلاء رفعوا شعارات معادية للولايات المتحدة. وهذه الرسالة التي تمثلت في اقفال السفارة الاميركية في اليمن والتي تبعتها سلسلة خطوات مماثلة من دول غربية واقليمية انما تفيد بانه من غير المقبول ان يستأثر الحوثيون بالوضع اليمني ويسيطروا على السلطة ومن اجل دفعهم الى الشراكة على رغم عدم قدرة الحوثيين عمليا على حكم اليمن او ادارته لاعتبارات متعددة. فيما يبرز لبنان مجددا ، وفق هؤلاء، كنموذج لا بد منه اولا من اجل تأمين مشاركة الجميع في السلطة من جهة على غرار التوصل الى اتفاق الطائف الذي انهى 15 سنة من الحرب الاهلية في لبنان بين اللبنانيين وبين الاستخدام الاقليمي والدولي له. لكن الاهم يبرز كنموذج من اجل تأمين الغطاء لمواجهة التطرف من جهة اخرى. ففي كل المراحل الصعبة التي مرت على لبنان خلال الاعوام العشرة الاخيرة والتي ادرجت تحت عنوان محاربة التطرف والاصولية وصولا الى الارهاب، فان ثمة غطاء فعليا وعمليا تأمن من الطائفة السنية حيث برزت هذه الاصوليات لاسباب او اهداف متعددة، وهي ساهمت فعلا في دحض كل ظواهره ومواجهة كل افكاره. كما انه، في محطات اخرى، على غرار ما تضطلع به الحكومة الحالية في مواجهة التنظيمات التي انتقلت من سوريا لاسباب يختلف الافرقاء اللبنانيون على تحديدها، فان من الوهم الاعتقاد انه في غياب التوازن في المشاركة في السلطة اولا واساسا او في غياب الاستثمار في الاعتدال السني ما يمكن ان يتيح مواجهة الارهاب. فهذه المواجهة مستحيلة عبر طوائف او مرجعيات اخرى تساهم في التسعير الطائفي. اذ انه كان لمشاركة ما يسمى بسرايا المقاومة في احداث صيدا تأثير بالغ السلبية في تعميق الشرخ وزيادة الاحتقان، وكذلك بالنسبة الى محطات اخرى من بينها مشاركة “حزب الله” في الحرب السورية وارتداداتها في لبنان لأشهر طويلة قبل ان يتم احتواء رد الفعل المذهبي عبر الحكومة وانطلاق الحوار الداخلي ايضا. وهذا الامر ينسحب على ما يحصل في العراق حيث تعمل الميليشيات الشيعية على مواجهة تنظيم الدولة الاسلامية الى جانب مَن تبقى من الجيش العراقي وبدعم مباشر من ايران فتساهم في رد فعل عكسي غير ناجح في دحر تطرف داعش، في الوقت الذي تتعثر مساعي الحكومة العراقية في الاستيعاب والمشاركة الحكومية.

ولذلك يتم التلهي في محاربة التطرف في غير اسبابه الحقيقية السياسية، ولو ان تصحيح العوامل الاجتماعي ة والاقتصادية والتربوية وسواها لن يضير، لكن لا يكفي وحده.