Site icon IMLebanon

خرق مفاجئ في ملف العسكريّين… هل تكتمل الفرحة؟

«دخيل إجريه مار شربل» تندَه مُنى جعجع شقيقة الجندي بيار جعجع، أما ليالي شقيقة الجندي سليمان الديراني فتُحدّق إلى السماء، قائلة: «يا كاشف الكربات فرّج همنا». تشابَكت الصلوات، تعانقت دموع أهالي العسكريّين وإبتساماتهم، بين «الفرحة مش سايعتنا» و»ما بصدق إلّا لإلمح العسكريّين وضمُّن»، بقيَ الحذر مُعشعشاً في قلوب الأمهات، مردّدات: «الله يتمم فرحتنا».

حتّى ساعات متأخرة من ليل أمس بقيَ أهالي العسكريّين المخطوفين مجتمعين في خِيمهم، محبوسي الأنفاس، مشدودي الأعصاب، في إنتظار طَيف أبنائهم، لا شيء معهم إلّا «كلمات». وكانوا قد تداعوا ظهراً، منذ تداول نجاح صفقة تبادل العسكريّين بين الدولة اللبنانية و«جبهة النصرة».

في التفاصيل

بدأت الاحداث ظهراً، عندما دخلت قوّة خاصّة من الأمن العام والمعلومات إلى سجن رومية وإصطحبت 7 موقوفين من المبنى «ب»، و3 موقوفين من المبنى «د»، طالبة منهم حزم كلّ أمتعتهم من مبنى المحكومين وتوقيع أوراق يتعهّدون فيها عدم الرجوع إلى لبنان.

أجواء من الفوضى عمّت السجن، وسط «التكبير» وأناشيد دينية. وعلى وقع كلمات «غرباء، غرباء ونحن سرّ الوجود»، ترك المسجونون سجن رومية. في هذا السياق، أكّدت مصادر خاصة من داخل زنزانة السجناء «أنّ ما أشيع كان مغادرتهم من أجل تجديد أوراقهم وإجراء مسائل روتينية، لكنّ وداعهم لرفاقهم في السجن كان وداعاً أخيراً لا يدلّ على إحتمال العودة، كما أنّ الاغراض التي أخذت من غرفهم تُشير أيضاً إلى هذا السيناريو الذي يحصل للمرة الأولى».

ومع تقدم النهار، بدأ الحديث عن صفقة تبادل الأسرى وعددهم 11 موقوفاً، إضافة الى 5 سجينات، مقابل 16 عسكرياً مخطوفين لدى «جبهة النصرة»، علماً أنّ الصفقة لا تشمل العسكريين المخطوفين لدى تنظيم «داعش». ومن أبرز أسماء السجناء: محمد يحيا، محمد حسين رحال، محمد علي نجم، محمد أحمد ياسين، إيهاب الحلاق، عبد المجيد غضبان. أما السجينات فهنّ: سجى الدليمي، جمانة حميّد، سمر الهندي، ليلى النجار وعلا العقيلي.

وتباعاً برَزت مجموعة مؤشّرات تُوحي بحلحلة في الأفق، أبرزها، إرجاء رئيس الحكومة تمام سلام سفره إلى باريس حتى غد، رصد عدد من سيارات الأمن العام متّجهة نحو البقاع، ولكن بقيت الامور غامضة بعد ذلك.

في حين أنّ مصادر خاصة أكدت أنّ تفاوضاً حدث في الجرود ما بين «النصرة» والوسيط من الجانب اللبناني لإنجاز هذه الصفقة، لكنّ المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم طلب «إخراج الملف من التداول»، مشيراً إلى أنه «لم يصل لخواتيمه بعد».

الأهالي: «يا ليل إنجلِ»

«منذ يومين تبلّغت من الجهة الخاطفة تأجيل زيارتي إلى العسكريين». يَروي الشيخ حمزة حمص والد العريف وائل حمص، الذي تردَّد أكثر من مرة إلى جرود عرسال في الآونة الاخيرة لينقل إلى العسكريين بعض الحاجيات، بعد موافقة الخاطفين، يرافقه الشيخ مصطفى الحجيري الملقب «أبو طاقية».

ويقول حمص في هذا الإطار: «بعد زيارتي الأخيرة لإبني (الجمعة 13 تشرين الثاني) وقد رافقني فيها والد الجندي رواد أبو درهمين، وُعدت بزيارة أخرى إلى العسكريين لأنقل لهم الفرش والأحرمة، وقد تقرّر الموعد الجديد منذ يومين ولكنني فوجئت في اللحظات الاخيرة بطلب من الخاطفين تأجيل زيارتي، والسبب أنّ الوضع «مكركَب» وفق قولهم».

يَعيش حمص كغيره من العائلات على أعصاب مشدودة، مُمسكاً بهاتفه، متشوّقاً لإتصال يُثلج صدره، أو خبر يَروي غليله، فيقول بأنفاس متقطعة: «حتى مساء اليوم (أمس) لم نتبلّغ أيّ خبر رسمي، جرت العادة أن يردَ إتصال رسمي لأحد العائلات يبلغنا عن أيّ جديد بالنسبة إلى ملف أبنائنا، واليوم (أمس) لم نسمع إلّا ما يتردّد في الإعلام».

والمخطوفون لدى «داعش»؟

على رغم أنّ إبنه ليس من بين المخطوفين لدى «جبهة النصرة» إنما لدى «داعش»، أمضى حسين يوسف والد الجندي محمد يوسف، ليلة أمس على أعصابه بعد تضارب الاخبار التي عاشها الاهالي، محاولاً إجراء إتصالات مكوكية مطمئنة.

ويؤكّد يوسف لـ«الجمهورية» «أنّ إطلاق سراح أيّ جندي يحمل الفرج للوطن برمّته كون هؤلاء الشباب هم أبناء المؤسسة العسكرية ونذروا حياتهم في سبيل الوطن، ولا أنكر أنّ فرحتنا لا تكتمل إلّا بعودة جميع العسكريين».

وهل من خبر جديد عن المخطوفين لدى «داعش»، يجيب يوسف متحسّراً: «منذ لحظة إختطافهم وأنفاس العائلات مخطوفة، لم نَسمع، ولم نلمح طيفهم، ولم نتلقَّ أي شيء عنهم». ويضيف: «لن نفقد الأمل، ونعتبر أنّ نصف المصيبة قد زال بإطلاق سراح العسكريين لدى «جبهة النصرة»، علماً أنه كان هناك تقصير واضح إتجاه تحمّل كل إنسان مسؤوليته في هذا الملف، لأنّ الشباب أبناء الوطن برمته»، آملاً «الإسراع في البحث عن تبادل يشمل المخطوفين لدى «داعش»».

تحرير العسكريين… إلكترونياً

وأمس شهدت المواقع الإلكترونية الإخبارية منافسة وسباقاً محموماً على إستقاء الاخبار وسط تضارب في المعلومات، وفاضَت مواقع التواصل الاجتماعي بالإشاعات والروايات الملفّقة.

في هذا السياق، تمنت المديرية العامة للأمن العام «على وسائل الإعلام العودة إلى المراجع المختصّة للحصول على معلوماتها خصوصاً أنّ لهذا الملف بعداً إنسانياً ممّا يجعله غير قابل للتداول بهذه الطريقة وحتى لا يتم تعريض أهالي العسكريين لإنتكاسة أو ضغوط»، مشيرة إلى «أنّ أيّ تَقدم له علاقة بمجريات الملف سيعلن عنه رسمياً وفي حينه». وليلاً ترددت معلومات عن إمكانية إطلاق سراح العسكريين الـ 16 لدى جبهة النصرة فجر اليوم.

بانتظار ما ستحمله الساعات المقبلة «ما تقولوا طوَّل هالليل، قولوا بكرا جايي نهار»، على حد تعبير الشاعر طلال حيدر.