لم يفهم الى الان ما اذا كانت جلسة «تشريع الـضرورة» يمكن ان تبصر النور، حيث لا يعقل ان يوافق مكتب مجلس النواب على جدول الاعمال، طالما استمر خلاف على ما اذا كان من مجال امام البحث في مشروع قانون الانتخابات النيابية يرضى الذين يتطلعون الى الميثاقية الجدية، فيما ترى اوساط نيابية ان رئيس المجلس نبيه بري على قناعة بأن الميثاقية متوفرة وليس من يتصور ان ثمة نية لعدم اخذ الميثاقية في الاعتبار من جانب اي طرف، فضلا عن ان كبار المسؤولين يتطلعون الى جلسة تشريعية لا غبار عليها؟!
وهناك شروط من جانب التيار الوطني والقوات اللبنانية وحزب الكتائب على ما يفترض طرحه في جلسة «تشريع الضرورة» قبل طي هذا الملف حيث لا مجال امام اي طرف لان يملي شروطه قبل معرفة مدى تجاوب المعترضين على اي لقاء تشريعي لا يفهم منه ان الامور لا تحتمل اجتهادات شخصية كذلك المصالح الفئوية من جانب الذين لهم اراء تتجاوز ما هو مطلوب لحلحلة العقد التي تعترض الوصول الى قانون انتخابي يرضي المعترضين على جدول اعمال الجلسة التشريعية المرتقبة من غير حاجة الى وجود من يجزم بأنها قد تنعقد، الا في حال حصلت تنازلات كي لا نقول تفاهمات سياسية (…) من خارج اصول اللعبة البرلمانية؟!
ان هذا السيناريو مرهون بالمجالات المتاحة امام رفضه لان القبول به على علاقة، وكي لا يقال مثلا ان هناك من يسعى الى فرض رأيه على اساس وجهة نظر لا مجال للاخذ بها، الا في حال كان قبول بجدول اعمال لا يزيد من حجم التباينات لاسيما تلك المرتبطة بالفراغ الرئاسي الذي اقترح له امس الرئيس حسين الحسيني حلا من ثلاثة: انتخاب رئيس للجمهورية لسنة واحدة او اجراء انتخابات نيابية او عقد مؤتمر وطني لا علاقة له بجلسات الحوار التي تنعقد، على امل ايجاد حل للرئاسة الاولى، كما اوضح الحسيني ما يفهم منه ان مجلس النواب المدعو الى انتخاب رئيس للجمهورية لا يحق له التشريع بحسب المادة 74 من الدستور. صحيح ان كل ما تقدم على لسان الرئيس حسين الحسيني ليس سوى مجرد وجهة نظر مثلها مثل غيرها من المواقف والاراء السياسية التى كثر الكلام عليها من دون طائل، لاسيما ان المقصود من تقصير مهلة انتخاب الرئيس يسمح بوقف السجالات بما يؤدي الى حكم دستوري في اقصر مهلة ممكنة، فيما اللادستورية تكمن في انتخاب مجلس نواب غير منتخب لاية ولاية بما في ذلك الولايات الممددة له مزاجيا لولايات متقطعة بشكل مخالف للدستور بحسب اجماع السياسيين من مختلف الاراء والتوجهات خصوصا ان انتخاب الرئيس دستوريا ولولاية دستورية كاملة انما يكون من مجلس نواب دستوري قائم (المواد 24و 49من الدستور) وليس من مجلس كهذا المجلس المنحل دستوريا وعمليا (…)
ومن ابرز ما قاله الرئيس الحسيني عن الحكومة (حكومة الرئيس تمام سلام) انها ليست حكومة قائمة بل مجرد تجمع وزاري ليس من يسمح بملاحقتهم دستوريا نظرا للتضارب القائم بينهم، اضافة الى حصول تقاسم لا مشاركة فيه من قبل الوزراء كما درجت العادة!
وفي مقابل كل ما تقدم فان الرئيس حسين الحسيني قد وجه اوسع دعوة عامة الى التشاور في ما طرحه من اقتراحات، لاختيار السبيل الانسب والعمل بقوة لتخطي التشكي او التمني ام الانتظار، حيث «حق النفس على النفس انما هو واجب الدفاع عن النفس»، قبل ان تتطور الامور نحو الاسوأ كما هو مرتقب، قبل ان تفسد الطبخة ولا يعود من مجال لتحقيق اي اصلاح في المستقبل المنظور؟!
هذا الكلام ليس مجرد تكرار لما قاله الرئيس حسين الحسيني في مؤتمره الصحافي «الاصلاحي» بقدر ما هو تمنيات القصد منها كسر الدوران في حلقة مفرغة من شأنها استمرار الفراغ في الرئاسة الاولى وفي مجلس النواب وفي حكومة التجمع الوزاري الذي صادف اوسع توضيح من جانب الحسيني الذي يصر على اعتبار ما صدر عنه مخرجا مقبولا لمسلسل الازمات التي يعاني منها لبنان منذ حوالى السنتين، اضف الى ذلك انها مهلة مرشحة لان تستمر بلبنان الفراغ في مختلف مؤسساته الرسمية باستثناء ما هو ممدد له مثل مجلس النواب، ومثل مجلس الوزراء الذي يعمل كتجمع وزاري لا مجال لان يكون مؤسسة طبيعية قادرة على ممارسة دورها بجدارة ومن دون لبس دستوري؟!