«إذا كانت أوروبا البعيدة جغرافياً عن النار السورية تعيش حالة استنفار قصوى، فكيف نحن الملاصقين لهذا الوعاء الذي يغلي». الكلام لمرجع رفيع يوصّف الوضع في لبنان، مشيراً إلى أن «كل شيء قريب يصبح متوفراً ورخيصاً.. حتى الإرهاب، وبالتالي فإن مَن يُغرَّر بهم يصبحون كثراً وبأثمان زهيدة ووضيعة».
ينطلق المرجع من هذا التوصيف ليطلّ على الإنجازات الكبيرة التي يسطّرها الجيش اللبناني الذي «ينطبق عليه قول الصامت الأكبر، لكونه يعبر من إنجاز إلى آخر بلا فرقعات إعلامية او ضوضاء، لان تحقيق الامن هو واجب الاجهزة على اختلافها وفرض عين على السلطة السياسية تجاه المواطن اللبناني».
ويقول «كلما فقد الارهابيون أعصابهم صار الشعب اللبناني أكثر اتحاداً ضدهم، وكلما نفذوا عملاً إرهابياً يزداد كره الناس لهم، خصوصاً أن أكثر المناطق التي يمارسون فيها إرهابهم هي المناطق التي استقبلتهم والتي وفدوا إليها تحت عناوين إنسانية».
على الصعيد الأمني، هناك تهديدات كثيرة واجهت لبنان، أبرزها التهديد الذي أفشله الجيش والمتعلق باجتياح مناطق تمتد من البقاع إلى الشمال. وهذا النجاح العسكري أدّى عملياً إلى التخلص من السيناريو الأسوأ والذي يقضي بإعلان إمارتهم على بقعة من لبنان. لكن في المقابل، كتعويض عن فشلهم، أعاد الإرهابيون شبح العمليات الانتحارية.
ويضيف المرجع أن «الهدف من التفجيرات إحباط العزائم وإيجاد خلل وعدم ثقة بالدولة ومؤسساتها وأجهزتها، بما يمكّنهم من السيطرة على بقعة داخل لبنان، وفي هذا البعد جاء التفجير الإرهابي المزدوج في جبل محسن في طرابلس». وتوقع أن من خطط للتفجير الانتحاري في جبل محسن أراد أن يكرر الأمر نفسه في منطقة سنية قريبة من الجبل مثل باب التبانة، فيثور الناس بعدها، ويبدأ الانتقام، بما يؤدي إلى عودة الفوضى، وبالتالي دخول الإرهابيين على الخط والسيطرة على الشارع بسفك المزيد من الدماء البريئة.
ويوضح المرجع أنه «على المستوى العسكري حاول الارهابيون مرتين ان يسيطروا على بقعة جغرافية وفشلوا بفضل يقظة الجيش اللبناني الذي قدم الشهداء والجرحى لإفشال هذا المخطط، تماماً كما افشل المحاولات السابقة، لاسيما على المستوى الأمني، حيث يتم توقيف الكثير من الخلايا والشبكات الارهابية مع الاستمرار برصد دقيق لمن لا يتم توقيفهم. كما أن السجون صارت تضمّ أكثر من نصف الرؤوس الكبيرة من الإرهابيين، والأمور تتابع بوتيرة عالية للإجهاز على بؤر الإرهاب. اما على المستوى السياسي، فهناك وعي من جميع الفرقاء لدقة وحساسية وخطورة المرحلة، وهناك إرادة سياسية بمواكبة الجهود العسكرية والأمنية بوحدة الموقف السياسي في مواجهة الإرهاب وهذا أمر مشجّع».
هل يعني ذلك الركون الى تحديات الحاضر والمستقبل؟ يحذر المرجع «من أن الآتي ربما يكون أصعب وأشدّ، ولكن كلما اقتربت الحلول كان الوطيس أحمى لتعزيز الأوراق والمكاسب، والشاطر من يتمكن من تعطيل إمكانية استخدام لبنان ورقة في عملية الصراع عبر إبقائها قوية بكل مقوّمات قوّتها».