Site icon IMLebanon

لا مؤتمر بغياب المكوِّن السُّنّي

 

 

بعد انتشار خبر دعوة الغداء التي وُجّهت من قبَل السفيرة السويسرية الى عدد من الشخصيات اللبنانية كممثلّة لبعض القوى السياسية، وردود الفعل العنيفة التي وُجّهت لتلك الدعوة، خاصة أنها اعتبرت بمثابة اللبنة الأولى في خطوة التعديلات الممكن إجراؤها على نظام الحكم في مؤتمر مزمع عقده في سويسرا، عمدت بعض القوى السياسية المدعوّة الى العشاء الى إلغاء حضور ممثلّها، ناهيك عن الانتقادات العنيفة التي وجهت للعشاء وما بعده وهو الأهم.

 

وكان اللافت أن دعوة العشاء وُجّهت الى بعض القوى السياسية دون سواها، وبرز غياب المكوّن السياسي عن تلك الدعوة، خاصة وأن النائب إبراهيم منيمنة لا يعتبر نفسه ممثلاً للطائفة السنية كما صرّح مراراً وتكراراً وهو الذي تغيّب عن لقاء دار الفتوى للنواب السنّة، وغياب المكوّن السنّي أو تغييبه ترك إنطباعات وردود فعل عنيفة، كون المراد من عشاء السفيرة السويسرية وما بعده هو تعديل إتفاق الطائف، وهذا ما تجلّى في عدم تمثيل السنّة في الدعوة، وإن كان السنّة رافضين أصلاً لمثل هكذا لقاءات مع أهدافها التي تمّس اتفاق الطائف والغرض الأساس منها هو ضرب ما تبقّى منه.

قد يكون فات البعض من المتحمسين لإجراء تعديلات دستورية بحجة إصلاح النظام، أن الاتفاق الثلاثي الذي وقع في كانون الأول من العام 1985 إنما غيّب السنةّ عن عضويته وبحث في تعديلات لأصل النظام، لكنه لم يدخل حيّز التنفيذ، إنما تم إجراء تلك التعديلات بحضور المكوّن السنّي في اتفاق الطائف برعاية المملكة العربية السعودية.

قد يكون من المفيد التذكير أيضاً، أن السنّة هم حجر الأساس في النظام اللبناني وأي تعديلات للنظام أو مؤتمرات تعقد ويكون المكوّن السنّي غائب عنها لن يكتب لها النجاح، بل أكثر من ذلك فإن محاولة استضعاف السنّة هي محاولة بائسة ويائسة ولا يمكن لها ان تمرّ، فرغم ما مرّ على هذه الطائفة من اغتيالات ومحاولة إضعاف، فقد خرجت منها لتلعب دورها المحوري في الحياة السياسية اللبنانية.

منذ العام 1918، والسنّة في لبنان يتلقّون سهام المؤامرات، علماً أن الحياة السياسية في البلاد لم تستقم إلا حين قبل المكوّن السني الانخراط في يوميات الحياة السياسية، ومؤتمرات الساحل وما تبعها خبر دليل على ذلك، والمعاهدة الفرنسية – اللبنانية في العام 1936 مثّلت إمتداداً لمثيلاتها في مصر وسوريا وكان للموقف السنّي الدور الأساس في الحركة السياسية بعدها، هذا فضلاً عن معركة الإستقلال والدور السنّي في تحقيق ذلك وبدعم عربي واضح.

تستمر محاولات إضعاف السنّة سياسياً في لبنان عبر اغتيال قادتهم سياسياً أو عبر إبعادهم عن محيطهم العربي، ولكن تلك المحاولات سيكون مصيرها الفشل، لأن لا انتظام للحياة السياسية دون السنّة في لبنان، وعلى البعض الاتعاظ من تجارب التاريخ والعودة الى رشده في عمله السياسي، أما من يعمل من محيط البحيرات السويسرية، فالأولى به ان يهتم بشؤونه، مع شتاء أوروبا القارس وأزمة الغاز القادمة.