Site icon IMLebanon

السّفارة والمنظّمة المشبوهة وأجندات «الثّورة»

 

 

الأوجب من الشّكر الذي وجّهه البعض للسّفيرة السويسريّة في لبنان ماريون ويشلت، هو القيام بتوجيه استدعاء عاجل لها من قبل وزارة الخارجيّة اللبنانيّة وسؤالها عن هذا العشاء المريب الذي تمّ توقيته تزامناً مع 17 تشرين الأوّل أو ما يُعرف بثورة 17 تشرين، وتقديم الاحتجاج لدى وزارة الخارجيّة السويسريّة على هذه الدّعوة المريبة التي تبتها السفارة السويسرية باسم منظّمة مجهولة إسمها فضفاض ولديها نشاط مريب في الشّرق الأوسط وأفريقيا تقول إنّ هدفه هو تشجيع وتيسير الحوار بين قيادة الأطراف المتحاربة الرئيسية، وفي لبنان ليس هناك حرب ولا أطراف متحاربة بل خلاف سياسي مُعقّد جدّاً ويُفترض أنّ لا يفوت هكذا أمر الخارجيّة السويسريّة خصوصاً أنّ هذه المنظّمات معروفة بأجنداتها الملتبسة وتمويلها كيانات في دول عربيّة كثيرة هي أداة في يد دول بعينها وتجربة مصر بالتّحديد وتشويه صورتها الذي دأبت عليها منظّمات دولية أوصلت تنظيم الإخوان إلى الحكم بعد تضليل كبير للرّأي العام كاد أن يُسلّم سيناء لتكون إمارة للتّنظيمات الإرهابيّة وتهيئة لتقسيم مصر وتقطيع شرايينها بين الشّمال والجنوب، ولكن فاجأهم الجيش المصري والرئيس عبد الفتّاح السيسي.

 

الماسونيّة أيضاً منظّمة غير حكوميّة وشهود يهوه منظّمة غير حكوميّة والإخوان المسلمين تنظيم أطلقته بريطانيا وبنت له بأموالها أوّل مسجد يستقطب إليه بسطاء المسلمين لتحويلها قنابل موقوتة في المجتمع المصري، لا يختلف هذا المركز الذي يعرف أيضاً باسم مركز جان هنري دونانت للحوار الإنساني ولا نظنّ أنّه في هذا الزّمن ينطلي على أحد أنّ كلمة “الحوار الإنساني” يوضع تحتها عشرات الخطوط وتوضع بعدها عشرات علامات الإستفهام!

 

فتّش عن ما يُسمّى بالنّواب التغييريّين أو مجموعات المجتمع المدني وكلّها تموّل من هكذا منظمّات أوروبيّة وغربيّة والغريب أنّه في الوقت الذي يثور المجتمع الأميركي في ولايات متعددة لحماية العائلة والأطفال من زرع أفكار المثليّة والشّذوذ وتغيير الهويّة الجنسيّة للأطفال وتدمير ذواتهم وإيقاعهم في غربة مدمّرة عن ذواتهم وأجسادهم يخرج علينا في لبنان “التغيريّون” مجنّدو هذه المنظّمات الذين وصلوا بأموال هذه السفارات إلى مجلس النوّاب وعلّق عليهم اللبنانيّون آمالاً جديّة ليكتشفوا أنّهم ليسوا أكثر من خيبة أمل كبيرة، وأنّ تظاهرات الثورة في 17 تشرين بدأت حقيقيّة لبنانيّة شعبيّة لم يلبث أدعياء المجتمع المدني والأحزاب والثنائي الشيعي أن أخذوها إلى الهاوية!

 

من الغباء تصديق أنّ عشاء في سفارة سويسرا دولة الحياد البريئة النّاصعة البياض بطعم الشوكولا وبريق ألماس السّاعات التي تخطف الأنظار أو على وجه الحقيقة خزينة ومستودع المال القذر والمنهوب من قبل ديكتاتورات العالم العربي تحديداً ونسائهم وأبنائهم ومبيّضي الأموال وتجار المخدّرات وكلّ ما سلبته المصارف من الشّعوب وعلى رأسها الشّعب اللبناني، لا تصدّقوا أن سفارة سويسرا ومن خلفها هذا المركز المشبوه قادرة في لحظة تنهار فيها أوروبا ومصرف كريدي سويس الذي شُبّه الأسبوع الماضي بأنه العمود الفقري للعالم الذي ينكسر يستطيعان الدّخول في وحل الحضيض السياسي اللبناني لتغيير اتّفاق الطّائف الذي جاء بعد خمسة عشر عاماً من الحروب الطاحنة خاضها لبنان عن فلسطين ومصر والأردن وسوريا والعراق والخليج ودفع أثماناً هائلة ولولا نفط الخليج الذي استدرجت الولايات المتحدة صدّام حسين إلى فخّه لما نجونا نحن من الحرب باتّفاق الطّائف المليء بالثّقوب في انتظار حرب أخرى!

 

إذا كان مركز جان هنري دونانت اختبأ خلف السّفارة السويسريّة كغطاء لدعوته إلى عشاء ملتبس، يحيلك البحث عن صاحب الإسم إلى تمجيد شخصه بوصفه أول من حصل على جائزة نوبل للسلام مناصفة مع فريدريك باس من فرنسا سنة 1901، وتمجيد  “جهوده الإنسانيّة” التي نشأ لاحقاً بفضلها منظّمة الصليب الأحمر ثمّ اتّفاقيّة جنيف، ثم يمرّون سريعاً عليه دوره الطّويل بوصفه أداة شركة مخصصة لـ «مستعمرات سطيف» (شركة جنيف لمستعمرات سطيف)، وفعلاً كما قال بيان السّفارة “من التقاليد السويسرية بذل مساع حميدة عندما يُطلب منها ذلك”، لكن السّؤال الذي على وزارة الخارجيّة اللبنانيّة أن تطرحه على سفيرة سويسرا في لبنان ماريون ويشلت: من الذي طلب ذلك؟!