من اصل احد عشر رئيساً للجمهورية تعاقبوا على الحكم منذ سنة 1943 ثلاثة منهم فقط انخرطوا في العمل السياسي والوطني بعد انتهاء ولاية كل واحد منهم، هم: كميل شمعون وامين الجميل وميشال سليمان، واربعة لازموا بيوتهم دون اي نشاط يذكر هم: بشارة الخوري، شارل حلو، الياس سركيس، والياس الهراوي واثنان مارسا السياسة بتقطّع وفي مناسبات قليلة، هما: سليمان فرنجية واميل لحود، ورئيس تم اغتياله قبل تسلّم ولايته، هو الشهيد الشيخ بشير الجميل، ورئيس اغتيل بعد حوالى شهرين على تسلّم مقاليد ولايته، هو الشهيد رينيه معوض.
اعادة التذكير باسماء هؤلاء الرؤساء، تأتي في اعقاب اللقاء الحاشد الذي دعا اليه الرئىس العماد ميشال سليمان وعقد امس الاحد في قصر المؤتمرات في ضبيه للمشاركة في اعلان وثيقة «لقاء الجمهورية» بعد اكتمالها بصورتها النهائية، واعلانها بحضور حشد من الشخصيات الرسمية والسياسية والاهلية والديبلوماسية والروحية، وكان للرئيس سليمان في نهاية اللقاء كلمة مفصلة عرض فيها تجربته في الحكم، في حلوها ومرّها، وفي نجاحاتها واخفاقاتها، وحدّد مكامن الخلل والنقص في دستور الطائف، والأطر الواجب اعتمادها للنهوض بلبنان من عثراته، الواردة في «الوثيقة الوطنية للقاء الجمهورية» التي تنتاول بالتفصيل وبدقّة متناهية جميع الامراض والثغرات التي يعاني منها المجتمع اللبناني، وطرق معالجتها والتصدّي لها من قبل جميع اللبنانيين دون استثناء احد.
ان «الوثيقة الوطنية للقاء الجمهورية» التي تتناول تقريباً جميع الامراض والعقبات التي يعاني منها اللبنانيون، تصلح في حدّ ذاتها ان تكون خريطة طريق لأي رئيس مقبل او اي حكم مقبل، في كيفية بناء الدولة على اسس صحيحة وسليمة، وذات ديمومة، في حال حسنت النيّات، وتحقق التصميم على اعادة بناء لبنان سياسياً واجتماعياً وحياتياً واقتصادياً ووطنياً، وان لهم في كرّاس لقاء الجمهورية المدى الرحب وخطة الطريق التي تعيد لبنان الى مجتمع الدول المتقدمة الراقية التي تبني مستقبل ابنائها على قواعد صلبة من العلم والتجربة والخبرات، والضروري الممكن للنهوض بالدولة من جديد على قواعد صلبة من العلم والتجارب والخبرة والشغور الوطني، و«الوثيقة الوطنية للقاء الجمهورية» التي سهر وتعب على انجازها العديد من الطاقات اللبنانية المشهود لها بالعلم والوطنية ونكران الذات، هي في حقيقة الامر خريطة طريق لكل رئيس جمهورية مقبل، يحمل الهمّ الوطني والرغبة بانقاذ الوطن من العلق الذي يمتص عافيته، وهي في ذات الوقت نتيجة خبرة ومعاناة عمرهما ست سنوات هي مدّة رئاسة الجمهورية التي تحمّل مسؤوليتها العماد الرئيس ميشال سليمان في احلك الظروف واصعبها، وعرف مكامن الخلل فيها وعمل كل ما في وسعه لتخطّي اصعب مرحلة يمرّ فيها لبنان، ويأتي اليوم ليضع امام اللبنانيين وثيقة تاريخية، وخريطة طريق، لانقاذ الذات والوطن من انهيار محقق في حال استمر العناد الاحمق، المدمّر لدى البعض في حال استمرار حالة الشلل التي تضرب الدولة وقطاعاتها الاساسية.
****
الرئس سليمان ليس مطراناً على مكّة، انه ابن المؤسسة العسكرية التي لم تعش يوماً الا وطنيتها وقيمها، وهو الرئىس الذي استلم الحكم في اصعب الظروف، وجنّب لبنان الكثير من المطبّات والمصاعب بحكمته اولاً وطول اناته ووطنيته، وهو اليوم في «لقاء الجمهورية» يضع خبرته وتجربته في خدمة لبنان واللبنانيين، ومن يعرفه، يعرف انه لن ييأس ولن يتراجع، فهو أولاً واخيراً جندي ورئيس، كان وما يزال في خدمة لبنان.