Site icon IMLebanon

مأزق سليمان فرنجية

يملك المرشح الرئاسي سليمان فرنجية كل ما يفترض ان يكون عليه «المرشح الجدي»:   سياسة وحيثية  ودعما. ولو سئل اللبنانيون من الناقورة الى النهر الكبير  ومن فقش الموج  الى مرمى الثلج عن رأيهم في ترشحه للرئاسة الاولى لما وجد من يرى  فيه ما يمنع. يتساوى في هذه المنطقة محبوه وداعموه وايضا معارضوه مع فارق ان المعارضين ينطلقون من منطلقات مختلفة بين جهة معارضة وجهة اخرى.

وهذا الاختلاف في الموقف ينطبق ايضا على المؤيدين: فلكل نظرته الى  الرجل، والى الظرف والى اللحظة التاريخية….

وتكفي نظرة الى خريطة من يؤيد ومن يعارض ليتضح البون الشاسع ضمن كل طرف… واللبنانيون من المعرفة والاطلاع ما يخولهم ان يدركوا «الاسباب الموجبة» لمن يؤيد ولمن يعارض ولمن يؤيد لهذا السبب ولمن يعارض لذاك السبب.

الى ذلك وبرغم المقارنات التي ترددت اخيرا فلا مجال لاي وجه شبه بين ترشح سليمان فرنجية الجد في صيف  العام 1970 وترشح سليمان الحفيد  في شتاء العام 2015 بعد خمس واربعين سنة! صحيح ان لبنان كان منقسما بين فريقين ولكن ذلك الانقسام كان يغلب عليه الطابع السياسي. فالنهج الشهابي كانت منطلقاته داخلية و«الحلف الثلاثي» كانت منطلقاته داخلية ايضا. والانقسام السياسي يومذاك  لم ينعكس انقساما عموديا بين الناس مبنيا على الاحقاد والضغائن. اما اليوم فالحال معروفة بالنسبة الى هذا الانقسام غير المسبوق والذي يتخذ طابعين سلبيين جدا الاول انه ذو طابع مذهبي حاد، والثاني انه امتداد للاحداث بالغة الخطورة التي تعصف في المنطقة من اقربها الى لبنان (سوريا) الى اكثرها بعدا (افغانستان) مرورا بالعراق والبحرين واليمن  الخ …. اما لبنان ذاته فكان يرفل بإزدهار اقتصادي غير مسبوق، وقد كانت الطبقة الحاكمة غافلة عما يجري تحت اقدامها من مياه فتنة كبيرة بقيت تتراكم حتى انفجرت اولا في العالم 1973 (حرب المخيمات) ثم في حرب 1975 اذ كان الانفجار الكبير الذي لم يخرج  الوطن الصغير المعذب من تداعياته حتى اليوم. في اي حال يومها انبثق ترشح سليمان فرنجية  الجد  من كونه وسطيا في تكتل يشاركه عضويته صائب بك سلام وكامل بك الاسعد والشيخ حبيب كيروز وآخرون.

اليوم الوضع مختلف كليا، ويكاد يكون غير مسبوق في غرابته: الرئيس سعد الحريري يرشح للرئاسة ابرز معارضيه واكثر اخصامه حدة ووضوحا. وحلفاء المرشح الطبيعيون اول من يعترض جديا على ترشحه. وقد بات ثابتا ان موقف حزب الله لا يختلف اطلاقا عن موقف الجنرال ميشال عون.

ويكاد يكون ما سمعه سليمان فرنجية في حارة حريك موازيا حرفيا لما سمعه في الرابية: «انت اخ وابن وصديق وحليف، ولكن دورك لم يأتِ  بعد نحن لا نعارضك انما نعارض من رشحك لاننا نشكك  في الاهداف الكامنة وراء هذه الخطوة. كان عليك ان تتشاور معنا قبل التوجه الى باريس وبعده وان تتريث في قبول الترشح او رفضه ريثما  تأخذ برأينا الذي هو في مصلحتك… (الخ).

وهكذا صرنا هنا: مرشح بارز كامل الاوصاف مدعوم من قيادة داخلية كبرى، ومن مراكز قرار دولية كبرى، ومن عواصم اقليمية كبرى… ولكن المفتاح لا يزال (حتى اشعار اخر) في حارة حريك التي جيرته الى الرابية. والرابية ليست في وارد فتح الباب امام سواها خصوصا انها لا تزال، ومعراب، في نشوة ورقة «اعلان النيات».