استقبال رئاسي لافت، لقيه الرئيس ميشال سليمان في عاصمة لبنان الثانية طرابلس، التي وصفها بالأولى قياساً على تعلقها بالدولة.
ولولا غياب بعض الشكليات البروتوكولية، لما تذكر أحد أن زائر المدينة هو رئيس سابق، فالجميع تصرف كما لو انه أمام فخامة رئيس البلادكما وصفه المفتي الشيخ مالك الشعار.
وتمثلت المدينة بكل اطيافها الدينية والسياسية في استقباله والوفد الوزاري المرافق. وعلى المستوى الرسمي، كان وزير العدل اشرف ريفي، رفيق دربه في المعركة مع تنظيم فتح الاسلام الذي كان طليعة التنظيمات الأصولية المصدرة الى لبنان، من مصانع الجيران، ثم وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس حامل هموم اللاجئين السوريين.
ومن مدينة العلم والعلماء والوحدة الوطنية لم ينسَ سليمان ان يوجه التحية الى المرجعية الاسلامية في دار الفتوى،.مذكراً بخطاب الاعتدال والانفتاح والالتفاف حول الجيش والدولة للمفتي الشيخ عبد اللطيف دريان.
أوساط سياسية متابعة، توقعت حراكاً وطنياً أوسع، للرئيس سليمان بعد عودته مكرماً، من البابا فرنسيس في حاضرة الفاتيكان، اواخر هذا الشهر، انطلاقاً من شحن اتفاق الطائف بالطاقة اللازمة ومعه اعلان بعبدا، الذي بات جزءاً من وثائق الامم المتحدة والجامعة العربية.
وبالطبع فان زيارة سليمان لطرابلس والاستقبال الطرابلسي للرئيس السابق، طرحا علامات استفهام كثيرة، لدى من اعتادوا ان يروا في كل رئيس انتهت ولايته، رئيساً سابقاً، زاده لقب الفخامة، ودورة المناسبات الاجتماعية..
لكن الرئيس سليمان، واحد من رؤساء قلائل بدأ وهجهم يسطع في مرحلة ما بعد انتهاء الولاية، خصوصاً عندما جاءت الاحداث والتطورات لتثبت صحة وسلامة تطلعاته الوطنية المنزهة عن الفئوية والتبعية، التي باتت علة العلل في لبنان، كما بدأ يلاحظ غبطة البطريرك بشارة الراعي، الى درجة دعوته العلنية الى افراز قيادات وطنية جديدة، لانقاذ الاوضاع اللبنانية من الهلاك المحتم…
لقد خاض غبطته مرارة التجربة مع الطاقم النيابي والسياسي القائم في موضوع الفراغ الرئاسي، ولم يترك سبيلاً ولا وسيلة ولا عظة ولا صلاة، الا وسعى عبرها لانقاذ رأس لبنان، الغارق تحت مياه التبعيات للقوى الخارجية، من دون طائل، واذا بالذين قاطعوا جلسات انتخاب رئيس الجمهورية بمبررات ذاتية واهية، يقعون في شر أعمالهم النيابية… فالتمديد الذي قاوموه طويلاً، حصل، وباتوا أمام خيار من اثنين: إما الاستقالة من المجلس الممدد له، أو الطعن بالتمديد أمام المجلس الدستوري، وفي كلتا الحالتين، الخسارة السياسية مؤكدة.
فالاستقالة غير واردة بحسب النائب ابراهيم كنعان، لأنها لن تفضي الى حلّ المجلس، وبالتالي فرض اجراء انتخابات عامة، لأن الدستور يوجب اجراء انتخابات فرعية لسدّ الفراغ في أي مقعد يشغر بالاستقالة أو الوفاة. وعلى هذا تصبح الاستقالة مجرد اخلاء للساحة الى الغير…
أما الطعن أمام المجلس الدستوري، فله محاذيره، في ضوء التجربة السابقة، حيث جرى افقاد المجلس الدستوري نصابه القانوني، فتكرّس قانون التمديد، برغم ان الطعن حمل توقيع رئيس الجمهورية، الرئيس سليمان!
وأخطر المحاذير، انه ما من مرشح رئاسي يمكن ان يغامر بالطعن في شرعية مجلس النواب، يفترض ان ينتخبه للرئاسة في حال سقوط الطعن أمام المجلس الدستوري.
واذا صحّ ما يقال عن عزم عشرة نواب من أعضاء التغيير والاصلاح توقيع الطعن بقانون التمديد، فان ما يجب أن يتبادر الى الأذهان، أن رئيس التكتل العماد ميشال عون قرر صرف النظر عن متابعة السباق الى بعبدا!
النائب كنعان يرى ان الطعن أمام المجلس الدستوري هو الاحتمال الوحيد لتغيير الواقع، حتى لو جاء قرار المجلس نظرياً، وعندما سئل عن الخطوة التالية، اذا تبخّر الطعن لسبب من الأسباب، أجاب عبر صوت لبنان: نطرح اصلاح القضاء…
وعيش يا كديش ليطلع الحشيش…
وعلى سبيل العلم، يقول نائب عضو في تكتل التغيير والاصلاح، ان الوزير جبران باسيل والنائب ابراهيم كنعان كانا وراء إقناع العماد عون بمقاطعة جلسة التمديد، علماً انه كان وعد الرئيس سعد الحريري بالحضور وعدم التصويت…