صراحة الرئيس العماد ميشال سليمان كانت واضحة، أمس، في كل كلمة وعبارة أدلى بهما خلال حديثه مع نقيب الصحافة عوني الكعكي ومجلس نقابة الصحافة الذي زاره الرئيس السابق مهنئاً، وقد أجاب على أسئلة الزملاء كلها دونما تأفف أو تحرّج، وبدا عليه الإرتياح… «ذهبت الى بيتي مرتاحاً» قال، وأضاف: «أنام قرير العين ملء جفني».
والرئيس سليمان غادر قصر بعبدا تاركاً وراءه إنجازات مهمة قد يكون «إعلان بعبدا» أبرزها كونه بات مدار إجماع دولي… إذ يكاد لا يصدر موقف خارجي عن لبنان إلاّ وفيه دعوة لالتزام هذا «الإعلان».
ولـمّا كان الشيء بالشيء يُذكر فإننا نشير الى أنّ «الجيش والشعب والمقاومة»… هذه الكلمات الثلاث هي التي يصفها «حزب الله» بأنّها «المعادلة الذهبية» ويحمل على كل من لا يقبل بها أو يعارضها أو يختلف معه في الرأي حولها.
1- الواقع أنّ «حزب الله» هو الذي أسقط هذه المعادلة مرّتين:
المرة الأولى- عندما وافق على «إعلان بعبدا»، صحيح أنّ الحزب يدّعي عدم موافقته على هذا الإعلان ولكن الحقيقة التي يملكها الرئيس العماد ميشال سليمان وسائر أعضاء طاولة الحوار الذي كانت جلساته تعقد في القصر الجمهوري… هذه الحقيقة تثبت بالوقائع وبالشهود وبالتواقيع أنّ «حزب الله» أيّد ووافق…
المرة الثانية- عندما انخرط الحزب في الحرب الدائرة في سوريا وأرسل قواته المدججة بالسلاح الى هناك مشاركاً في حرب النظام على الشعب السوري بأطيافه المعارضة.
لذلك ليس مقبولاً أن يدّعي الحزب أنّ الآخرين خرجوا على «المعادلة الذهبية»، وقد دار حوار ذات زمن غير بعيد حول الذهب والخشب، نكتفي بالإشارة إليه من دون الغوص في تفاصيله المعروفة أصلاً من الجميع.
2- وأدّى هذا الموقف من الحزب، مع سلسلة تفرّده بالقرارات الكبرى، بما فيها قرار الحرب، الى قيام حال من الفشل في الوضع العام في لبنان وبالذات على صعيد الفراغ في سدة رئاسة الجمهورية، وكذلك فقدان مجلس النواب دوره بشكل شبه كليّ على الرغم من التمديد له مرّتين متتاليتين، وأيضاً في مجلس الوزراء الذي يبدو معطّلاً، ولو كان تم انتخاب رئيس للجمهورية لما كنّا نواجه هذا الفشل المزري.
3- حدث ذلك في حين أثبت الجيش اللبناني انضباطية استثنائية ومناقبية عالية جداً وبطولات كبيرة في ساحات القتال.
ولقد يكون بقاء الجيش موحّداً وقادراً وفاعلاً ومحققاً إنجازات وانتصارات ميدانية بعد خروج الجيش السوري من لبنان… قد يكون هذا دليلاً قاطعاً على ما يتمتع به هذا الجيش من وطنية عالية ومسؤولية كبيرة… وهو الذي حقق ما تعجز عنه دول كبرى بجيوشها الجرارة، وذلك كله باللحم الحيّ خصوصاً في النهر البارد، وفي مواجهة الإرهاب، وفي تحمّل عبء المسؤولية الأمنية على امتداد رقعة الوطن من أقاصي الجنوب الى أقاصي الشمال، ومن الشواطئ الى الجرود حيث يقف صامداً في وجه الإرهاب الذي يصعّد اعتداءاته ليوجّه إليه ضربات موجعة. رهذا الجيش أحرجه، من دون أدنى شك، انخراط «حزب الله» في الأحداث السورية، بدليل أنّه يمنع حراك السلاح والمسلحين في الحدود الشمالية الحدودية (عكار) ويقف دون حراك ازاء تحركات «حزب الله» المتمادية في منطقة البقاع من وإلى سوريا.
4- وللمناسبة يحضرني ادعاء إيران بأنّها ستزوّد الجيش بالاسلحة والذخائر على أنواعها، وعملياً جاءتنا منهم نماذج بعينها… ثم قالوا لنا: تعالوا واشتروا!
والإيراني يعرف أنّه ليس لدى لبنان المال الذي يمكنه من شراء الاسلحة… فإذا بـ»عرض» السلاح الايراني لا يتجاوز ذر الرماد في العيون!