Site icon IMLebanon

صيف لبنان الرئاسي

عيون اللبنانيين على حرب «حزب الله» و «جبهة النصرة» في سلسلة الجبال الشرقية، وعلى موقع بلدة عرسال في الخريطة السياسية لمنطقة البقاع، فما يحدث هناك يؤثر سلباً في المجتمع اللبناني ويدفع إلى مزيد من الاحتقان المذهبي سبق أن وصلت عدواه من الجوارين السوري والعراقي. لكن الوضع، العسكري والسياسي، المأسوي لم يمنع استمرار جلسات الحوار بين «تيار المستقبل» و «حزب الله» ونسمات الأمل الآتية من الإقليم بإمكان انتخاب رئيس جديد للجمهورية كاد اللبنانيون يعتبرونه من باب المعجزات المستحيلة التحقق.

فقبل عشرين يوماً من موعد الاتفاق النووي بين إيران والدول الغربية، وقبل أيام من مؤتمر جنيف الذي يفتتح محادثات لتقرير مصير اليمن وطيّ صفحة الحرب فيه وضمان سيادة الشرعية على أنحائه كافة، سرّبت مصادر أميركية أن واشنطن اقترحت على الرياض وطهران المختلفتين بعمق في قضايا اليمن والعراق وسورية، أن تجربا محادثات بينهما في الملف الأقل تعقيداً، نعني ملف انتخاب رئيس جديد للجمهورية اللبنانية. وأفادت المصادر بأن العاصمتين السعودية والإيرانية لم ترفضا الاقتراح الأميركي لكنهما لم تعلنا القبول به في الوقت الحاضر، ربما في انتظار قناعة الرياض بحسن نية طهران خلال المحادثات اليمنية – اليمنية، واطمئنان طهران إلى تحقق الاتفاق النووي. هكذا تحضر رئاسة الجمهورية اللبنانية في صورة خيط أول من خيوط الحوار السعودي – الإيراني المتشابكة والمعقدة، وربما تتوضح صورة هذا الخيط في آخر حزيران (يونيو) الجاري.

رؤية لبنان من خارجه أوضح من رؤيته من دخان الداخل الذي يطلقه سياسيون يضلّلون به الناس ويخيفون بعضهم من بعضهم الآخر، ويكفي مثلاً وضع الشيخ نعيم قاسم اللبنانيين أمام خيارين: «إما انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية أو الفراغ الى أجل غير مسمى».

بهذا الكلام وبمثله يبدو سلام لبنان استثناء غير منطقي في انفجارات الإقليم، خصوصاً إذا صدّقنا تصريحات وخطباً غير مسؤولة تجعله مهيأ للانفجار الكبير في أي لحظة.

لكن اللبنانيين ينصرفون هذا الصيف إلى تنظيم مهرجاناتهم في معظم المدن، وصولاً إلى صور في أقصى الجنوب، تحييها فرق فنية محلية وعربية وعالمية. وحدها بعلبك، صاحبة المهرجان العريق، أطفأت أنوار قلعتها مجدداً بسبب الحروب في السلسلة الشرقية لجبال لبنان وما وراءها في القلمون السوري، إذ تصل إليها أصداء الرصاص والمدافع لتذكّر بارتباط مصيري مع سورية طالما روّج له النظام الأسدي في زمن الوصاية وتتولّى الترويج له اليوم المعارضة السورية بمختلف أطيافها.

صيف لبنان موسيقى وغناء وقلق، وسياسيون في مسرحياتهم التراجيدية يغلقون نوافذ الأمل. وحدها عواصم الدول المؤثرة تضع مشكلة لبنان المعقدة في إطارها السهل، وقد خسر السياسيون اللبنانيون أخيراً شيئاً من سلبية رؤيتهم أثناء زيارة الرئيس تمام سلام السعودية، وسماع العالم كلام الملك سلمان بن عبدالعزيز الباعث أملاً بلبنان، مع إشارته الإيجابية ذات المغزى إلى رئيس البرلمان نبيه بري. السعودية اليوم، أكثر من أي وقت مضى، مركز العالم العربي الذي يتعرّض لتمزّقات تتحمّل أنظمته السياسية جزءاً من المسؤولية عنها، والجزء الآخر يحدث بدفع من قوى إقليمية ودولية، في مقدمها إيران، تحاول بسط نفوذها في الإقليم، حتى من خلال المآسي.