IMLebanon

صيف لبنان

 

الحرب واحدة على وحدة الساحات، يمارسها العدو الإسرائيلي يوميا، يختار الأهداف، يخرجها من بنك الأهداف الذي وضعه له من هم خلف الواجهة الحربية والواجهة الحكومية والجيش والقوات الجوية الإسرائيلية، ثم يطلق العدو الطائرات والمسيّرات لتنفيذها، يحطّم الأبنية على رؤوس أصحابها، مهما كانت بعيدة، مهما كانت نائية، مهما كانت فارغة.

لا يعير العدو الإسرائيلي، الكثير من الإهتمام، للجوانب الإنسانية، ولا للجوانب المدنية، ولا لقوانين الحرب التي تحذّر من الجرائم الإنسانية، ولا لجميع المواقف والخطب والتحذيرات، من الإستمرار في الحرب، والإستمرار في تنفيذ الأهداف التدميرية الممنهجة.

 

يسارع العدو يوميا، عند نزول الليل، وقبيل حلول الفجر، لترويع الناس في مأمنهم، في بيوتهم. يرسل طائراته ومسيّراته لتحطيم إرادة الشعب، لتحطيم الحجر والبشر، قبل تحطيم الأهداف العسكرية، يريد إزالة الشعب من الأرض، من المواجهة، من الصمود، ليفرغ كل شيء له، لتصبح البلاد كلها مكشوفة أمامه، يمعن فيها القتل والتهجير، على غرار صبرا وشاتيلا، على غرار غزة والسويس وبحر البقر، على غرار رفح وطولكرم وجنين وخان يونس، والشام وحمص ودير الزور والجولان، والبقاع والجبل، على غرار ما يفعلون اليوم في البقاع وجنوب لبنان.

يهدّد العدو كل يوم، بأن الحرب على غزة وعلى رفح، ستطول كثيرا لسنوات وسنوات، ومعنى ذلك أن الحرب على لبنان وسوريا، مفتوحة أيضا. فرض علينا: في لبنان وسوريا، بقوة ناره، ببعد طائراته الحربية وببعد مسيّراته. جعل طائراته توحّد الساحات كلها، بقوة النار، لأنه يضرم ناره في الأساس، في جميع الساحات، منذ الحرب على غزة، ومنذ ما قبل ما قبل حرب غزة.

جميع حروب العدو الإسرائيلية إستباقية، لأنها في الأساس هي حروب إستعمارية. هي حروب إستيطانية، هي حروب طويلة الأجل، لوضع اليد على حقول الغاز والنفط، لوضع اليد على المرافئ وعلى المزارع وعلى السهول والحقول والجبال، لوضع اليد على خطوط التجارات من البر إلى البر، ومن البحر إلى البحر.

جعلت حروب العدو الإسرائيلي  وحدة الساحات خلفنا، يهدّدنا بها بطائراته وبمسيّراته، وبتنويع أهدافه، يضرب في رفح، ويضرب في بعلبك، ويضرب في دير الزور: يرسم خارطة الطريق لمسيّراته ولطائراته.

صيف لبنان هذا العام ليس كالمعتاد، لأن العدو قرر أن يجعله بلا صيف. يعتقد أنه بحربه علينا، يجعل الناس تهجر المقاهي والمطاعم والفنادق والشواطئ، تنزل إلى الملاجئ و المخابئ، يجعل المصطافين يخافون من هدير الطائرات فوق رؤوسهم، من صوت الإنفجارات، من صواريخ المسيّرات.

إعتاد اللبنانيون على غارات العدو، فلم يعد ترهبه الغارات، ولا المسيّرات، لم تعد ترهبه قوافل الشهداء، وهم في طريقهم إلى القدس. لم يعد يرهبه الفجور. ولم تعد ترهبه الغطرسة. لم يعد ترهبه العنتريات. لم يعد ترهبه، مشاهد الموت والدمار. ولم تعد ترهبه مشاهد جوعى الخبز على الشاشات.

صيف لبنان سيبقى، كما كان، كالمعتاد، سيبقى صيفا وسيفا، فوق رؤوس الإسرائيليين جميعا، حتى يفيقوا من حلمهم الكاذب، حتى يوقنوا، مهما قست الحرب وإشتدّت على اللبنانيين: أن الموت بإنتظارهم من النيل إلى الفرات.